للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومعنى (إِذَا دخل): إِذَا أراده كما صرح به في رواية سعيد (١)، ويبعد أن يراد به ابتداء الدخول، وإن أبداه القشيري احتمالًا (٢)، فإن كان المحل الذي يقضي فيه الحاجة غير معد لذلك كالصحراء مثلًا، جاز ذكر الله تعالى في ذَلِكَ المكان، وإن كان معدًّا لذلك كالكنف ففي جواز الذكر فيه خلاف للمالكية، فمن كرهه أوَّل الدخولَ بمعنى: الإرادة؛ لأن لفظة (دخل) أقوى في الدلالة عَلَى الكنف المبنية منها عَلَى المكان البراح، أو لأنه قد بين في حديث آخر أن المراد حيث قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: "إن هذه الحشوش محتضرة -أي: للجان والشياطين- فإذا أراد أحدكم الخلاء فليقل: أعوذ بالله من الخبث والخبائث" (٣).

ومن أجازه استغنى عن هذا التأويل، وتحمل (دخل) على حقيقتها، وحديث: "إن هذِه الحشوش محتضرة". فيه بيان لمناسبة هذا الدعاء المخصوص لهذا المكان المخصوص.

وقال ابن بطال: المعنى متقارب في قوله: (إِذَا دخل) وفي قوله:


(١) علقه البخاري بعد حديث (١٤٢) في الوضوء، باب: ما يقول إذا دخل الخلاء، ووصله في "الأدب المفرد" (٦٩٢)، وصححه الألباني في "الإرواء" (٥١).
(٢) انظر: "إِحكام الأحكام" ص ٩٧.
(٣) رواه أبو داود (٦)، وابن ماجه (٢٩٦)، وأحمد ٤/ ٣٦٩، ٣٧٣، والنسائي في "الكبرى" ٦/ ٢٣ - ٢٤ (٩٩٠٣ - ٩٩٠٦)، وابن خزيمة (٦٩)، والطبراني ٥/ ٢٠٤ - ٢٠٥ (٥٠٩٩ - ٥١٠٠)، والحاكم ١/ ١٨٧ بإسنادين عن زيد بن أرقم وقال: كلا الإسنادين من شرط الصحيح ولم يخرجاه بهذا اللفظ، وإنما اتفقا على حديث عبد العزيز بن صهيب عن أنس بذكر الاستعاذة فقط، والبيهقي ١/ ٩٦، كلهم عن زيد بن أرقم، قال الألباني في "صحيح سنن أبي داود": إسناده صحيح على شرط البخاري.