الذكر والبنات فللذكر مثل حظ الأنثيين، فهذا تفسير هذا الباب، وهو تأويل قوله - عليه السلام -: "فما بقي فهو لأولى رجل ذكر" أي: أعطوا كل ذي فرض فرضه، وما بقي فلمن لا فرض له؛ لأنهم عصبة، والبنات مع أخيهن لا فرض لهن معه وهن معه عصبة من أجله.
وأما قوله:"فلأولى رجل ذكر" يريد: إذا كان في الذكور من هو أولى بصاحبه بقرب أو ببطن، وأما إذا استويا بالتعدد وأدلوا بالآباء والأمهات معًا كالإخوة وشبههم، فلم يقصدوا بهذا الحديث؛ لأنه ليس في البنين أولى من غيره؛ لأنهم قد استووا في المنزلة، ولا يجوز أن يقول: أولى وهم سواء، فلم يرد البنين بهذا حديث، وإنما أراد غيرهم على ما يأتي.
وقوله:(بُدِئَ بمن شَرِكهم)، إنما يصح هذا إذا لم تضق الفريضة، وأما إذا ضاقت فلا يبدأ بأحد قبل صاحبه؛ لأن القول يعمهم.
وقوله: ("ذكر") للتأكيد؛ لأن الرجل لا يكون إلا ذكرًا كقوله: ابن لبون ذكر، وقوله تعالى:{وَغَرَابِيبُ سُودٌ}[فاطر: ٢٧] وقوله {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ}[البقرة: ١٩٦] وهذا فيما عدا الإخوة والأخوات والابن والبنات وبني البنين وأخواتهم، ويراد به العمة مع العم، وبنت الأخ مع أخيها، وبنت العم مع أختها، وذكر عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي أنه قال: في بنت وأخ وأخت أشقاء أو لأب، يريد: للأخ وحده ما بقي، ولعله تأول عموم هذا الحديث وهو عجيب؛ لأن الله تعالى قال:{وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}[النساء: ١٧٦].