(٢) قلت: هذا الكلام مردود شرعًا عند أهل السنة والجماعة؛ لأنه من البدع الدخيلة على دين الله، فإن زيارة القبور بنية التبرك هي زيارة بدعية شركية. قال شيخ الإسلام في "اقتضاء الصراط المستقيم" ص ٤٠٠ - ٤٠١: غلب في عرف كثير من الناس استعمال لفظ: (زرنا) في زيارة قبور الأنبياء والصالحين على استعمال لفظ زيارة القبور في الزيارة البدعية الشركية لا في الزيارة الشرعية. ولم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديث واحد في زيارة قبر مخصوص، ولا روى في ذلك شيئًا، لا أهل الصحيح ولا السنن، ولا الأئمة المصنفون في المسند كالإمام أحمد وغيره، وإنما روى ذلك من جمع الموضوع وغيره. وأجل حديث روي في ذلك ما رواه الدارقطني، وهو ضعيف باتفاق أهل العلم بالأحاديث المروية في زيارة قبره، كقوله: "من زارني، وزار أبي إبراهيم الخليل في عام واحد ضمنت له على الله الجنة". و: "من زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي". و: "من حج ولم يزرني فقد جفاني" ونحو هذِه الأحاديث؛ كلها مكذوبة موضوعة لكن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص في زيارة القبور مطلقًا، بعد أن كان قد نهى عنها، كما ثبت عنه في "الصحيح" أنه قال: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها"، وفي "الصحيح" عنه أنه قال: "استأذنت ربي في أن استغفر لأمي فلم يأذن لي، واستأذنت في أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة" فهذِه زيارة لأجل تذكرة الآخرة. ولهذا يجوز زيارة قبر الكافر لأجل ذلك. اهـ. وزاد رحمه الله في "مجموع الفتاوى" ١١/ ١١٥: فمن ظن أن الميت يدفع عن الحي مع كون الحي عاملًا بمعصية الله فهو غالط؛ وكذلك إذا ظن أن بركة الشخص تعود على من أشرك به وخرج عن طاعة الله ورسوله، مثل أن يظن أن بركة السجود لغيره، وتقبيل الأرض عنده، ونحو ذلك يحصل له السعادة، وإن لم يعمل بطاعة الله ورسوله؛ وكذلك إذا اعتقد أن ذلك الشخص يشفع له، ويدخله الجنة بمجرد محبته، وانتسابه إليه، فهذِه الأمور ونحوها مما فيه مخالفة الكتاب والسنة، فهو من أحوال المشركين، وأهل البدع. باطل لا يجوز اعتقاده ولا اعتماده. والله -سبحانه وتعالى- أعلم. اهـ. هذا في حق التبرك بقبور الأنبياء والصالحين. أما عن الاستشفاء الذي ذكره =