للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

برحمهم، ولا شيء لبيت المال، وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه. ومن قال بالرد يرد الباقي على أمه، وجعل ابن مسعود عصبته أمه كما سلف، فإن لم تكن الأم فعصبتها هي عصبة ولدها، وإليه ذهب الثوري.

وهذا الاختلاف إنما قام من قوله - عليه السلام -: "وألحق الولد بالمرأة"؛ لأنه لما ألحقه بها قطع نسب أبيه فصار كمن لا أب له من أولاد الفيء الذين لم يختلف أن المسلمين عصبتهم - (إذ لا تكون العصبة من قبل الأم، وإنما تكون من قبل الأب) (١)، ومن قال: معنى قوله: "ألحق الولد بالمرأة"، أي: أقامها مقام أبيه، فهؤلاء جعلوا عصبة أمه عصبة له، وهو قول الثوري وأحمد، واحتجوا بالحديث الذي جاء أن الملاعنة بمنزلة أبيه وأمه (٢)، وليس فيه حجة (لأنه إنما هي) (٣) بمنزلة أبيه وأمه في تأديبه، وما أشبه ذلك بما لا يتولاه أبوه.

فأما الميراث فلا؛ لأنهم أجمعوا أن ابن الملاعنة لو ترك أمه وأباه كان لأمه السدس ولأبيه ما بقي، فلو كانت بمنزلة أبيه وأمه في الميراث لورثت سدسين بالأمومة وبالأبوة، وأبو حنيفة جعل الأم كالأب فرد عليها ما بقي؛ لأنها أقرب الأرحام إليه، وقول أهل المدينة أولى بالصواب كما قاله ابن بطال؛ لأنه معلوم أن العصبات من قبل الآباء ومن أدلى بمن لا تعصيب له لم يكن له تعصيب (٤).


(١) من (ص ٢).
(٢) انظر هذِه المسألة في "مختصر اختلاف العلماء" ٤/ ٤٧٩ (٢١٤٨)، و"الاستذكار" ١٥/ ٥١١ - ٥١٥، و"المغني" ٩/ ١٢١ - ١٢٣.
(٣) كذا بالأصل.
(٤) "شرح ابن بطال" ٨/ ٣٦٦ - ٣٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>