في مناظرة حسنة وقعت بين الإمام الشافعي مع من خالفه فلنذكرها:
قال الشافعي: قلت لبعض الناس هذِه سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تقطع اليد في ربع دينار. ذكرت فيه حديث "لا تقطع اليد إلا في عشرة دراهم فصاعدًا" وما حجتك في ذلك؟
قال: قد روينا عن شريك، عن منصور، عن مجاهد، عن أيمن، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شبيهًا بقولنا.
قلت: أتعرف أيمن؟ أمّا أيمن الذي روى عنه عطاء فرجل حدث عن تبيع ابن امرأة كعب، عن كعب، فهذا منقطع، والحديث المنقطع لا يكون حجة.
قال: وقد روى شريك عن منصور، عن مجاهد، عن أيمن بن أم أيمن أخي أسامة لأمه.
قلت: لا علم لك بأصحابنا، أيمن أخو أسامة قتل مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين قبل مولد مجاهد، ولم يبق بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيحدث عنه.
قال: فقد روي عن عمرو بن شعيب، عن عبد الله بن عمرو أنه - عليه السلام - قطع في ثمن المجن. قال (ابن)(١) عمرو: وكانت قيمة المجن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دينارًا.
قلت له: هذا رأي من عبد الله بن عمرو، والمجان قديمًا وحديثًا سلع يكون ثمن عشرة ومائة ودرهمين، فإذا قطع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ربع دينار قطع في أكثر منه، وأنت تزعم أن عمرو بن شعيب ليس ممن تقبل روايته، وتقول: غلط. فكيف ترد روايته مرة، ثم تحتج به على أهل الحفظ
(١) في الأصل: (أبو) وما أثبتناه هو الصواب. وانظر: "معرفة السنن والآثار".