للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذكر ابن القصار أن معن بن زائدة زور كتابًا على عمر - رضي الله عنه -، ونقش مثل خاتمه، فجلده مائة، ثم شفع له قوم؛ فقال: ذكرتني الطعن وكنت ناسيا، فجلده مائة أخرى، ثم مائة، ثلاث مرار بحضرة العلماء، ولم ينكر ذلك أحد، قال: فثبت أنه إجماع.

قلت: عمر هذا ليس عمر بن الخطاب ولعله عمر بن عبد العزيز فإن سِن معن يصغر عن ذلك. قال ابن القصار: ولما كان طريق التعزير إلى اجتهاد الإمام على حسب ما يغلب على ظنه أنه يردع به، وكان في الناس من يردعه الكلام، وكان فيهم من لا يردعه مائة سوط، وهي عنده كضرب المروحة، فلم يكن للتحديد فيه معنًى، وكان مفوضا إلى ما يؤديه إليه اجتهاده بأن يردع مثله.

قال المهلب: ألا ترى أنه - عليه السلام - زاد المواصلين في (النكال) (١) كذلك يجوز للإمام أن يزيد فيه على حسب اجتهاده، ولذلك ضرب المتبايعين للطعام، وانتقامه - عليه السلام - للمحرمات لم يكن محدودًا، فيجب أن يضرب كل واحد منهم على قدر عصيانه للسنة ومعاندته أكثر مما يضرب الجاهل، ولو كان في شيء من ذلك حد لم يجز خلافه.

فصل:

وقال الداودي: لم يبلغ مالكا هذا الحديث -يعني حديث الباب- وكان يرى العقوبة بقدر الذنب، وأرى ذلك مَوْكُولا إلى اجتهاد الأئمة وإن جاوز ذلك الحد، وقد استشاره أمير في رجل ضم صبيا إلى صدره (فقيل) (٢) ذلك إلى السلطان فضربه فانتفخ منها حتى مات، ولم ينكر مالك ذلك عليه.


(١) في (ص ١): النكاح.
(٢) كذا بالأصل، وأظنها: فنقل.

<<  <  ج: ص:  >  >>