وحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - ذكر المتلاعنين؛ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ شَدَّادٍ: هِيَ التِي قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْ كنْتُ رَاجِمًا امْرَأةً عَن غَيْرِ بَيِّنَةٍ؟ ". قَالَ: لَا، تِلْكَ امْرَأَةٌ أَعْلَنَتْ.
وعنه - رضي الله عنه - أيضًا في ذكر المتلاعنين؛ فَقَالَ - عليه السلام -: "اللَّهُمَّ بَيِّنْ". فَوَضَعَتْ شَبِيهًا بِالرَّجُلِ الذِي ذَكَرَ زَوْجُهَا أَنَّهُ وَجَدَهُ عِنْدَهَا، فَلَاعَنَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَهُمَا. فَقَالَ رَجُلٌ لاِبْنِ عَبَّاسٍ فِي المَجْلِسِ: هِيَ التِي قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْ رَجَمْتُ أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ رَجَمْتُ هذِه"؛ فَقَالَ: لَا، تِلْكَ امْرَأةٌ كَانَتْ تُظْهِرُ فِي الإِسْلَامِ السُّوءَ.
هذا الحديث -كما قال المهلب- أصل في أنه لا يجوز لأحد أن يحد بغير بينة وإن اتهم بفاحشة، ألا ترى أنه - عليه السلام - قد وسم ما في بطن المرأة الملاعنة بالمكروه وبغيره، وجاءت به على النعت المكروه للشبه وللمتهم بها، ولم يقم عليها الحد بالدليل الواضح، إذا لو كان ذلك خلاف ما شرع الله ولا يجوز أن يتعدى حدود الله ولا يستباح دم ولا مال إلا بيقين لا شك فيه، وهذِه رحمة من الله لعباده وإرادة الستر لهم والرفق بهم؛ ليتوبوا فلا يحدوا إلا بمعاينة تخفيفا ورفقا.
فصل:
الوحرة: بالتحريك دويبة حمراء تلصق بالأرض، شبهت العداوة والغل بها لتثبته بالقلب، يقال: وحر صدره، ووغر. قال القزاز: هي كالوزغة تقع في الطعام فتفسده، فيقال: طعام وحر.