يأتي في الأحكام مذاهب العلماء -إن شاء الله تعالى- في الشاهد إذا تعمد الشهادة بالزور هل يلزمه الضمان؟ وملخص الكلام فيها هنا فقال عبد الملك: لا شيء عليهما إذا غلطا، وقال أشهب: عليهما الدية في مالهما. ونحوه في "المدونة"(١) وفيه قول ثالث ذكره ابن الجلاب: أن العاقلة تحمل الدية، فأما قول علي - رضي الله عنه - في العمد أنه يقطع. فهو قول أشهب إذا أقر شهود الزنا بالعمد بعد قتل الزاني أنهم يحدون ثم يقتلون، وابن القاسم يقول: يحدون ويضمنون الدية ولم يفرق بين عمد وخطأ، وفي كتاب محمد نحوه أنهم يدونه في العمد. وقال ابن الجلاب: الدية على العاقلة.
والحاصل أن في الخطأ والغلط ثلاثة أقوال: لا شيء عليه، يودون من مالهم، يودون العاقلة.
وفي العمد ثلاثة أقوال أيضًا: القصاص، والباقي كالباقي، والرابع يؤخذ بالاستقراء أن عاقلة الإمام تؤدي الدية. قاله فيمن رجم ثم وجد مجبوبًا، وقال أشهب: إن الدية في المال خطأ وعمدًا، وقال سحنون: إذا رجعوا لا عقوبة عليهم اتهموا في شهادتهم أو شكوا؛ لأنه يخاف إذا عوقبوا أن لا يرجع أحد عن شهادته باطل إذا أراد التوبة. وقال بعض المالكية: لو أدب المتهم لكان أهلًا لذلك.