للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقول أبي عبد الرحمن: لقد علمت ما الذي جرأ صاحبك على الدماء. يعني: عليًّا - رضي الله عنه - فإنه أراد قوله - عليه السلام - لأهل بدر: "اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم" (١) فكأنه أنس بهذا القول فاجترأ بذلك على الدماء، ولا يجوز أن يظن بعلي - رضي الله عنه - ذلك دون الاعتماد على تأويل صحيح واجتهاد راجح، وإن كان قوله - عليه السلام -: "لعل الله اطلع على أهل بدر" دليل ليس بحتم، ولكنه على أغلب الأحوال، وينبغي أن يحسن بالله الظن في أهل بدر وغيرهم من أهل الطاعات.

وقد اعترض بعض أهل البدع بهذا الحديث على قصة مسطح - رضي الله عنه - حين جلد في قذف عائشة، وكان بدريًّا وقالوا: كان ينبغي أن لا يحد لحاطب، والجواب أن المراد: غفر لهم عقاب الآخرة دون الدنيا، وقد قام الإجماع على أن كل من ركب من أهل بدر (ذنبًا) (٢) بينه وبين الله فيه حد، أو بينه وبين الخلق من القذف أو الجراح أو القتل فإن عليه فيه الحد والقصاص، وليس يدل عقوبة المعاصي في الدنيا وإقامة الحدود عليه على أنه معاقب في الآخرة؛ لقوله - عليه السلام - في ماعز والغامدية: لقد تابا توبة لو قسمت على أهل الأرض لوسعتهم (٣) لأن موضع الحدود أنها للردع والزجر وحقن الدماء وحفظ الحرمة وصيانة الأموال، وليس في عقاب النار شيء من ذلك، ولو أسقط الله. عقاب


(١) سلف برقم (٣٠٠٧) كتاب: الجهاد والسير، باب: الجاسوس، ومسلم (٢٤٩٤/ ١٦١) كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل أهل بدر.
(٢) غير واضحة بالأصل والمثبت من (ص ١).
(٣) رواه مسلم أي: حديث ماعز - رضي الله عنه - (١٦٩٥/ ٢٢). بلفظ: "لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة وسعتهم"، وحديث الغامدية - رضي الله عنها - (١٩٦٩/ ٢٤)، بلفظ: "لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم .. "، كتاب: الحدود، باب: من اعترف على نفسه بالزنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>