للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فصل:

قال أبو إسحاق الزجاج: تأويل قوله: "جزءٌ من ستة وأربعين جزءًا من النبوة". أن الأنبياء يخبرون بما سيكون، والرؤيا تدل على ما سيكون.

قلت: ولذلك قال - عليه السلام -: "لم يبق من النبوة إلا المبشرات" (١).

وقال الخطابي: كان بعض العلماء يقول في تأويله قولًا لا يكاد يتحقق من طريق البرهان، وذلك أنه - عليه السلام - من أول ما بدئ به الوحي إلى أن توفي ثلاث وعشرون سنة أقام بمكة ثلاث عشرة، وبالمدينة عشرًا، وكان يوحى إليه في منامه في أول الأمر بمكة ستة أشهر، وهي نصف سنة فصارت هذِه المدة جزءًا من ستة وأربعين جزءًا من أجزاء النبوة (٢). قال الخطابي: وإن كان هذا وجهًا قد يحتمل قسمة الحساب والعدد، فأول ما يجب من الشروط فيه أن يثبت ما قاله من ذلك خبرًا ورواية، ولم نسمع ذلك، وهو ظن وحسبان ولإن كانت هذِه المدة محسوبة من أجزاء النبوة على ما ذهب إليه من هذِه القسمة، لكان يجب أن يلحق بها سائر الأوقات التي كان يوحى إليه في منامه في تضاعيف أيام حياته وأن تلتقط فتلفق وتزاد أصل الحساب، وإذا صرنا إلى ذلك بطلت هذِه القسمة وسقط هذا الحساب (من أصله) (٣)، وقد ثبت عنه - عليه السلام - في عدة أحاديث من روايات كثيرة أنه كان يرى الرؤيا المختلفة في أمور الشريعة ومهمات أسباب الدين فيقصها على أصحابه، وكان يقول إذا أصبح: "من رأى منكم رؤيا" فيقصونها


(١) سيأتي قريبًا برقم (٦٩٩٠).
(٢) "أعلام الحديث" ٤/ ٢٣١٥،"معالم السنن" ٤/ ١٢٩.
(٣) من (ص ١).

<<  <  ج: ص:  >  >>