للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خبر الأضغاث حلمًا وأضافها إلى الشيطان، إذ كانت مخلوقة على شاكلته وطبعه؛ ليعلم الناس مكائده فلا يحزنون لها ولا يتعذبون بها، وإنما سميت ضغثا؛ لأن فيها أشياء متضادة، والدليل على أنه لا يضاف إلى الله إلا الشيء الطيب الطاهر قوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر: ٤٢] أي: أوليائي، فأضافهم إلى نفسه؛ لأنهم أولياؤه، ومعلوم أن غير أوليائه عباد الله أيضًا. وقال تعالى: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} [الحجر: ٢٩]، {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ} [الحج: ٢٦]، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ} [البقرة: ٢٥٧] فأضافهم إلى ما هم أهله، وإن كان الكل خلقه وعبيده {مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا} [هود: ٥٦] وإن كان المحزن من الأحلام مضافًا إلى الشيطان في الأغلب، وقد يكون المحزن في النادر من الله، لكن الحكمة بالغة وهو أن ينذر بوقوع المحزن من الأحلام بالصبر، لوقوع ذلك الشيء، لئلا يقع على غرة فيقتل، فإذا وقع على مقدمة وتوطين نفس كان أقوى للنفس وأبعد لها من أذى البغتة، وقال: "فإنها لا تضره" يعني (بها) (١) ما كان من قبل الشيطان جعل الله سبحانه الاستعاذة منها ما يدفع به أذاها، ألا ترى قول أبي (قتادة) (٢) كما يأتي: إن كنت لأرى الرؤيا هي أثقل عليَّ من الجبل، فلما سمعت بهذا الحديث كنت لا أعدها شيئًا. وروى قتادة، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة مرفوعًا في هذا الحديث: "فمن رأى منكم ما يكره فليقم ويصل" وقد أسلفنا ذلك في الباب قبله وأخرجه مسلم


(١) من (ص ١).
(٢) كذا بالأصل، والقائل هذِه العبارة هو أبو سلمة راويه عن أبي قتادة فلعله لذلك دخل على المصنف. أثر حديث (٥٧٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>