للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفيه من الفوائد النيابة في تعبير الرؤيا. قال المهلب: السرقة الكِلة، وهي كالهودج عند العرب، وكون عمودها في يد ابن عمر - رضي الله عنهما - دليل على الإسلام، وطن بها الدين والعلم بالشريعة الذي به يرزق التمكن من الجنة حيث شاء، وقد يعبر بالحرير هنا عن شرف الدين والعلم؛ لأنه أشرف ملابس الدنيا، فكذلك العلم بالدين أشرف العلوم، ودخول الجنة منامًا دال على دخولها في اليقظة؛ لأن من بعض وجوه الرؤيا وجهًا يكون في اليقظة كما يُرى أيضًا، وقد يكون دخولها الدخول في الإسلام الذي هو سببها؛ لأن من دخله دخلها كما قال تعالى: {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (٢٩) وَادْخُلِي جَنَّتِي (٣٠)} [الفجر: ٢٩ - ٣٠]، وظهر أن السرقة قوة يرزقه الله على التمكن من الجنة حيث شاء، كما أكرم الله جعفرًا بالطيران فيها.

وفي الحديث: "إنما نسمة المؤمن طائر تعلق من شجر الجنة" (١)، فإن قلت: كيف ترجم عمود فسطاط تحت وسادته، ولم يذكرها في الحديث؟ قلت: كأنه رأى حديث السرقة أكمل بما ذكره في كتابه.

وفيه: أن السرقة مضروبة في الأرض على عمود كالخباء، وأن ابن عمر اقتلعها من عمودها فوضعها تحت وسادته، وقام هو بالسرقة يمسكها، وهي كالهودج من إستبرق ولا ينوي (مكانًا من) (٢) الجنة إلا طارت إليه، ولم يرض سنده بهذِه الزيادة فلم يذكره، وأدخله في كتابه من طريق وثقه، وقد فعل في كتابه مثل هذا كثيرًا. فقال: باب: إذا حرق المشرك المسلم هل يحرق؟ ثم أدخل فيه سمل الرعاة،


(١) رواه النسائي ٤/ ١٠٨، وابن ماجه (٤٢٧١)، ومالك في "الموطأ" ص ١٦٤ من حديث كعب بن مالك. وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (٢٣٧٣).
(٢) في (ص ١): (موضعًا في).

<<  <  ج: ص:  >  >>