للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن طارق بن شهاب أن رجلاً سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي الجهاد أفضل؟ قال: "كلمة حق عند سلطان جائر" (١).

قلت: واختلف السلف في تأويله - كما قال الطبري.

فقيل: إنه محمول على ما إذا أمن على نفسه القتل أو أن يلحقه من البلاء ما لا قبل له به، وهو مذهب أسامة بن زيد، وروي عن ابن مسعود وابن عباس وحذيفة. وروي عن مطرف بن الشخير أنه قال: والله لو لم يكن لي دين حتى أقوم إلى رجل معه ألف سيف، فأنبذ إليه كلمة فيقتلني، إن ديني إذًا لضيق.

وقيل: الواجب على من رأى منكرًا من ذي سلطان أن ينكره علانية، وكيف أمكنه، روي ذلك عن عمر وأبي، واحتجوا بقوله - عليه السلام -: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده" (٢). الحديث، وبقوله - عليه السلام -: "إذا هابت أمتي أن يقولوا للظالم: يا ظالم فقد تودع منهم" (٣).

وقيل: من رأى من سلطانه منكرًا فالواجب عليه أن ينكره بقلبه فقط. واحتجوا بحديث أم سلمة مرفوعًا: "يستعمل عليكم أمراء بعدي تعرفون وتنكرون، فمن كره فقد برئ، ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع" قالوا: يا رسول الله، أفلا نقاتلهم؟ قال: "لا، ما صلوا" (٤).

والصواب -كما قال الطبري- أن الواجب على كل من رأى منكرًا أن ينكره إذا لم يخف على نفسه عقوبة لا قبل له بها؛ لورود الأخبار عن


(١) رواه النسائي ٧/ ١٦١.
(٢) رواه مسلم (٤٩/ ٧٨) كتاب: الإيمان، باب: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان.
(٣) رواه الحاكم في "المستدرك" ٤/ ٩٦.
(٤) رواه مسلم (١٨٥٤) كتاب: الإمارة باب: وجوب الإنكار على الأمراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>