للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفتنة في الإسلام أصلاً فكان يرى أن يترك صاحب الأمر حقه لمن نازعه فيه؛ لأنه مأجور في ذلك، وممدوح بالإيثار على نفسه، وكان يريد من المقاتل له ألا يقتحم النار في قيامه، وتفريقه الجماعة وتشتيت الكلمة، ولا يكون سببًا لسفك الدماء واستباحة الحرم أخذًا بقوله - عليه السلام -: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار" (١). فلم ير القتال البتة وخشي أن يقول في ابن الزبير شيئًا؛ لأنه كان من العبادلة بمكان، وما غير عليه في خلافته أنه استأثر بشيء من مال الله.

فصل:

وأما حديث حذيفة - رضي الله عنه -، وقوله: إن المنافقين اليوم شر منهم على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنهم كانوا يسرون قولهم فلا يتعدى شرهم إلى غيرهم، وأما اليوم فإنهم يجهرون بالنفاق ويعلنون بالخروج عن الجماعة ويورثون بينهم ويحزبونهم أحزابًا، فهم اليوم شر منهم حتى لا (يضرون) (٢) بما يسرونه، غير أنهم لم يصرحوا بالكفر إنما هو النفث يلقونه من أفواههم، فكانوا يعرفون به، قال الحسن: لولا المنافقون ما توحشنا في الطرق ولولاهم ما انتصفنا من عدو.

ووجه موافقته للترجمة أن المنافقين بالجهر وإشهار السلاح على الناس هو القول بخلاف ما قالوه حين دخلوا في بيعة من بايعوه من الأئمة؛ لأنه لا يجوز أن يتخلف عن بيعة من بايعه الجماعة ساعة من الدهر؛ لأنها ساعة جاهلية، ولا جاهلية، في الإسلام، وقد قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: ١٠٣] فالتفرق محرم في الإسلام وهو الخروج عن طاعة الأئمة.


(١) سلف برقم (٣١).
(٢) في (ص ١): يعصرون.

<<  <  ج: ص:  >  >>