قال القاضي إسماعيل: وظاهر الآيات يدل على أن من فعل مثل ما فعلوا واخترع حكمًا خالف به حكم الله وجعله دينًا يعمل به، فقد لزمه مثل ما لزمهم من لزوم الوعيد حاكمًا كان أو غيره، ألا ترى أن ذلك نسب إلى جملة اليهود حين عملوا به.
قال ابن بطال: ودلت الأحاديث على أن من قضى بما أنزل الله فقد استحق جزيل الأجر، ألا ترى أنه - عليه السلام - أباح حسده ومنافسته، فدل أن ذلك من أشرف الأعمال وأجل ما تقرب به إلى الله.
وقد روى ابن المنذر عن محمد بن إسماعيل: ثنا الحسن بن علي، ثنا عمران القطان -أبو العوام- عن أبي إسحاق الشيباني عن ابن أبي أوفى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الله مع القاضي ما لم يجر فإذا جار تخلي عنه ولزمه الشيطان"(١).
فصل:
اقتصر البخاري من الآية على ما ذكر، ولم يذكر {فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} ولا {فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}؛ لأنه قيل: إنما نزل ذلك في اليهود والنصارى، نبه عليه الداودي وعن ابن عباس -فيما حكاه النحاس -هو به كافر لا كفرًا بالله وملائكته وكتبه ورسله، وقد أسلفنا قول الشعبي في ذلك وهو الظاهر.
قال النحاس: وأحسن ما قيل فيه أنها كلها في الكفار، ولا شك أن من رد حكمًا من أحكام الله فقد كفر، وقد أجمعت الفقهاء أن من أنكر حكم الرجم أنه كافر؛ لأنه ممن رد حكمًا من أحكام الله تعالى.
(١) "شرح ابن بطال" ٨/ ٢١٣، والحديث رواه أيضًا الترمذي (١٣٣٠)، وابن ماجه (٢٣١٢)، وابن حبان ١١/ ٤٤٨ (٥٠٦٢).