للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال المهلب: الشارع ليس كغيره في أمر الصلاة ولا غيرها؛ لأنه ليس لأحد أن يتقدم عليه فيها، وله أن يتقدم لما ينزل عليه من أحكام الصلاة، أوينزل عليه قرآن بإثبات حكم أو نسخه، وليس لغيره شيء من ذلك وليس حركة من حركاته إلا ولنا فيها منفعة وسنة نقتدي بها، والمكروه من التخطي هو ما يختص بالأذى والجفاء على الجلوس في التخطي على رقابهم وقلة توقيرهم، وليس كذلك الوقوف في الصلاة؛ لأنهم ليسوا في حديث تفاوضوا فيه فيقطعه عليهم المار بينهم كما يقطعه من جلس بين اثنين متحادثين في علم أو مشاورة.

ويستدل على ذلك بقول مالك: من رعف في الصلاة أن له أن يشق الصفوف عرضًا إلى الباب (١)، فإن لم يمكنه خرج كيف تيسر له، وليس لأحد أن يشقها بالدخول والناس جلوس قبل الصلاة؛ لما في ذلك من الجفاء على الناس والأذى لهم، ولهم ذلك بعد تمام الصلاة؛ لأنهم ممن أباح الله لهم الانتشار بعد الصلاة، فلذلك سقط أذى التخطي عن الخارج؛ لأنهم مختارون للجلوس بعد الصلاة، ومأمورون بالجلوس قبلها، وقد خرج - صلى الله عليه وسلم - بعد تقضي الصلاة يتخطي رقاب الناس، فقال:

"تذكرت ذهبية كانت عندي فخشيت أن تحبسني" (٢).

وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فليسبح الرجال ولتصفق النساء". حجة لنا على أنها لا تسبح فيها (٣) لما يخشى من صوتها على الناس، وهو نص لا مدفع فيه.


(١) "المدونة"١/ ١٠٩.
(٢) سلف برقم (٨٥١) كتاب: الأذان، باب: من صلى بالناس فذكر حاجة فتخطاهم.
(٣) انظر: "البيان" للعمراني ٢/ ٣١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>