للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال: لم تزل كثرة السؤال منذ قط تكره (١). وقال الحسن البصري: في هذه سألوه عن أمور الجاهلية التي عفا الله عنها، ولا وجه للسؤال عما عفا الله عنه (٢)، وقيل: كان الذي سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أبيه يتنازعه رجلان، فأخبر بأبيه منهما، وأعلم - عليه السلام - أن السؤال عن مثل هذا لا ينبغي، وأنه إذا ظهر فيه الجواب ساء ذلك السائل، وأدي ذلك إلي فضيحة لا سيما وقت سؤاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ونزول الكتاب في ذلك، وقد سلف في كتاب الفتن كراهة أم عبد الله بن حذافة لسؤاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أبيه، وما قالت له في ذلك فلسؤالهم له عما لا ينبغي، وتعنيته موجب النار، وقد أمر الله تعالى المؤمنين بتعزيره وتوقيره، وأن لا يرفع الصوت فوق صوته، توعد علي ذلك بحبوط العمل بقوله تعالي: {أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [الحجرات: ٢]، ألا تري فهم عمر - رضي الله عنه - لهذا الأمر وتلافيه له بأن برك علي ركبتيه، وقال: رضينا بالله ربًا وبالإِسلام دينًا وبمحمدٍ نبيًّا، وقال مرة: إنا نتوب إل الله، فسكت - عليه السلام - وسكن غضبه، ورضي قول عمر- رضي الله عنه - حين ذب عن نبيه ونبه على التوبة مما فيه إغضابه أن يؤدي إلي غضب الله وقد ذكرنا شيئًا من هذا المعنى في كتاب الفتن في باب التعوذ منها، والدليل علي صواب فعل عمر - رضي الله عنه -، قوله - عليه السلام - بعد ذلك "أولى والذي نفسي بيده) أولى، يعني لمن عنت نبيه في المسألة، أو غضبه، ومعنى (أولي) عند العرب التهديد والوعيد.

وقال (المبرد) (٣): يقال للرجل إذا أفلت من عظيمة: أولى


(١) ذكره القرطبي ٦/ ٣٣١.
(٢) المصدر السابق.
(٣) في "شرح ابن بطال" ١٠/ ٣٣٩: (المهلب).

<<  <  ج: ص:  >  >>