للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشرح:

الاجتهاد فرض واجب على العلماء عند نزول الحادثة، والواجب على الحاكم أو العالم إن كان من أهل الاجتهاد أن يلتمس حكم الحادثة في الكتاب والسنة، ألا تري أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لما احتاج أن يقضي في الإملاص سأل الصحابة من عنده علم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك؟ فأخبره المغيرة ومحمد بن مسلمة في ذلك، فحكم به ولم يسعه الحكم في ذلك باجتهاده إلا بعد طلب النصوص من السنة، فإذا عدم السنة رجع إلى الإجماع، فإن لم يجده نظر هل يصح حمل حكم الحادثة علي بعض الأحكام المتقدمة لعله يجمع بينهما، فإن وجد ذلك لزمه القياس عليها إذا لم تعارضها علة أخرى.

ولا فرق بين أن يجد العلة مما هو من باب الحادثة أوغيرها؛ لأن الأصول كلها يجب القياس عليها إذا صحت العلة، فإن لم يجد العلة استدل بشواهد الأصول وعلة الأشباه إذا كان ممن يرى ذلك، فإن لم يتوجه له وجه من بعض هذِه الطرق وجب أن يقر الأمر في النازلة على حكم العقل، ويعلم أن لا حكم لله فيها شرعًا زائدًا على العقل. هذا قول ابن الطيب (١).

قال غيره: وهذا هو الاستنباط الذي أمر الله عباده بالرجوع إلى العلماء فيه بقوله تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ} [النساء: ٨٣]، والاستنباط هو الاستخراج، ولا يكون إلا في القياس؛ لأن النص ظاهر جلي، وليس يجوز أن يقال: إن عدم النص على الحادثة في كتاب الله أو سنة رسوله يوجب أن لا حكم لله فيها؛


(١) انظر: "شرح ابن بطال" ١٠/ ٣٦٣، ٣٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>