للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واحتج أصحابنا فقالوا: من قال هذا القول فقد قال بالتقليد، وقد أخذ علينا النظر في أقاويل الصحابة والترجيح في اختلافهم، فإذا قام لنا الدليل علي أحد القولين وجب المصير إليه، وإذا صح هذا بطل التقليد، وإنما هم أولى من غيرهم من طريق النقل؛ لصحة عدالتهم ومعايشتهم التنزيل ومشاهداتهم للعمل، فأما الاستنباط فالناس كلهم فيه سواء (١).

فصل:

غرض البخاري في الباب كما قال المهلب: تفضيل المدينة بما خصها الله من معالم الدين، وأنها دار الوحي ومهبط الملائكة والرحمة، وبقعة شرفها الله تعالى بسكنى رسوله وجعل فيها قبره ومنبره وبينهما روضة من رياض الجنة، وجعلها كالكير تنفي الخبث وتخلص الباقي حتى لا يشوبهم ميل عن الحق.

ألا تري قول ابن عوف - رضي الله عنه - لعمر - رضي الله عنه -: إنها دار الهجرة والسنة، وإن أهلها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين خصَّهم الله بفهم العلم وقوة التمييز والمعرفة بإنزال الأمور منازلها.

فصل:

وأما حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - فإنما ذكر وقوعه بين المنبر وحجرة عائشة - رضي الله عنها - اللذين هما من معالم الدين وروضة من رياض الجنة، إعلامًا منه لصبره على الجوع في طلب العلم، ولزوم الشارع حتى حفظ من العلم، ما كان حجة على الآفاق ببركة صبره على المدينة.


(١) انظر: "البحر المحيط" للزركشي ٦/ ٤٤٠ - ٤٤٤، "أعلام الموقعين" ٢/ ٢٧٤ - ٢٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>