للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحديث عائشة - رضي الله عنها - قَالَتْ: مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ الغَيْبَ فَقَدْ كَذَبَ، وَهْوَ يَقُولُ: لَا يَعْلَمُ الغَيْبَ إِلَّا اللهُ.

غرضه في هذا الباب إثبات علم الله تعالى صفة (له) (١) أبدًا؛ إذ العلم حقيقة في كون العالم عالمًا؛ إذ من المحال كون العالم عالمًا ولا علم له، وكذلك سائر أوصافه المقتضية للصفات التي هي حقيقة في ثبات الأوصاف المجراة عليه تعالى من كونه حيًّا قادرًا وما شابه ذلك خلافًا لما تقوله القدرية من أنه عالم قادر حي بنفسه لا بقدرة ولا بعلم ولا بحياة، ثم إذا ثبت كون علمه قديمًا وجب تعلقه لكل معلوم على حقيقته.

وقد نص تعالى على إثبات علمه بقوله تعالى: {إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ}، [لقمان: ٣٤] وبقوله: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} وغيرهما من الآيات السالفة، فمن دفع علم الباري تعالى الذي هو حقيقة في كونه عالمًا، وزعم أنه عالم بنفسه لا بعلم فقد رد نصه تعالى على إثبات العلم الذي هو حقيقة في كونه عالمًا، ولا خلاف في رد نصه على أنه ذو علم وبين رد نصه على أنه عالم، فالنافي لعلمه كالنافي لكونه عالمًا،

وأجمعت الأمة على أن من نفي كونه عالمًا فهو كافر، فينبغي أن يكون من نفي كونه ذا علم كافرًا، ومن نفي أحد الأمرين كمن نفى الآخر، والقول في العلم بهذا كاف من القول به في جميع صفاته.

وتضمن هذا الباب الرد على هشام بن الحكم (٢) ومن قال بقوله


(١) في (ص ١): لذاته.
(٢) هو هشام بن الحكم الكوفي الرافضي المشبه المعثر، له نظر وجدل وتواليف كثيرة، وقال ابن حزم: جمهور متكلمي الرافضة كهشام بن الحكم وتلميذه أبي على الصكاك وغيرهما يقولون: بأن علم الله محدث، وأنه لم يعلم شيئًا في =

<<  <  ج: ص:  >  >>