للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الله تعالى لمخلوقاته فعل من أفعاله، وليس إحكامه لها شيئًا زائدًا على قط (١) بل إحكامه لها جعلها نفسًا وذواتًا على ما ذهب إليه أهل السنة أن خلق الشيء وإحكامه هو نفس الشيء، وإلا أدى القول بأن الأحكام والخلق غير المحكم المخلوق إلى التسلسل إلى مالا نهاية له، والخروج إلى مالا نهاية له إلى الوجود مستحيل، فبان الفرق بين الحالف بعزة الله التي هي صفة ذاته، وبين من حلف بعزته التي هي صفة فعله أنه حانث في حلفه بصفة الذات دون صفة الفعل، بل هو منهي عن الحلف بصفة الفعل؛ لقول القائل: وحق السماء، وحق زيد؛ لقوله - عليه السلام -: "مَنْ كان حالِفًا فليحلفْ بالله" (٢).

وقد تضمن كتاب الله العزة التي هي بمعنى: القوة، وهو قوله: {فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ} [يس: ١٤] أي: قوينا، والعزة التي هي الغلبة والقهر، وهو قوله: {وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ} [ص: ٢٣] أي: قهرني وغلبني.

ثالثها:

القَدَم لفظ مشترك يصلح استعماله في الجارحة وفيما ليس بجارحة، فيستحيل وصفه تعالى بالقدم الذي هو الجارحة؛ لأن وصفه بذلك يوجب أن يكون جسمًا والجسم مؤلف حامل للصفات وأضدادها غير متوهم خلوه منها، وقد بأن أن التضادات لا يصح وجودها معا، إذا استحال هذا ثبت وجودها على طريق التعاقب وعدم نقضها عند مجيء بعض، وذلك دليل على حدوثها، ومالا يصح خلوه من الحوادث فواجب كونه محدثًا، فثبت أن المراد بالقدم في هذا الحديث: خلق من خلقه


(١) هكذا في الأصل، (ص ١) وفي "شرح ابن بطال"١٠/ ٤١٢: (ذواتها).
(٢) سلف برقم (٢٦٧٩) كتاب: الشهادات، باب: كيف يستحلف، ومسلم (١٦٤٦/ ٣) كتاب: الأيمان، باب: النهي عن الحلف بغير الله تعالى. من حديث ابن عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>