للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تسعة وتسعين اسمًا"، وكيف تكون الذات الواحدة تسعة وتسعين شيئًا، قالوا: وهذا كفر ممن قال به، فبان من هذا الحديث أن اسمه غيره.

فالجواب: أنه لو كان اسمه [غيره] (١) لم يجز أن يأمر نبيه بتنزيه مخلوق غيره على ما قدمناه، ونرجع إلا تأويل الحديث فنقول: المراد بالحديث التسمية؛ لأنه في نفسه واحد، والاسم يكون لمعنيين يكون بمعنى المسمى، ويكون بمعنى التسمية التي هي كلامه فالذي بمعنى المسمى هو المسمى والذي بمعنى التسمية لا يقال فيه: هو المسمى ولا هو غيره، وإنما لم يقل فيه هو المسمى؛ لاستحالة كون ذاته تعالى كلامًا وسادة مسده، ولم يقل أيضًا: هو غيره؛ لأن تسميته -عَزَّ وَجَلَّ- لنفسه ككلام له، ولا يقال في كلامه: إنه غيره (٢).

فصل:

ومعنى الترجمة معنى قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: ١٨٠] فأمر بدعائه بها ووصفه لها بالحسنى يقتضي نفي تضمن كل اسم منها نقيض ما يوصف أنه حسن ونقيض الحسن: قبيح لا يجوز على الله تعالى، ومعنى هذا أن عالمًا من أسمائه يقتضي علمًا ينفي نقيضه من الجهل، وقادرًا يقتضي قدرة تنفي نقيضها من العجز، وحيًّا يقتضي حياة تنفي ضدها من الموت، وكذلك سائر صفاته تعالى كلها، ففائدة كل واحدة منها خلاف فائدة الأخرى، فأمر تعالى عباده بالدعاء بأسمائه كلها؛ لما يتضمن كل اسم منها ويخصه من الفائدة؛ ليجتمع للعباد الداعين له بجميعها فوائد عظيمة ويكون معبودًا بكل معنى.


(١) ليست في الأصل، وبها يستقيم المعنى.
(٢) انظر التعليق السالف ص ١٨٥ - ١٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>