للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لقيام الدليل على استحالة وصفه بأنه ذو جوارح وأعضاء تعالى عن ذلك، خلافًا لما تقوله المجسمة من أنه تعالى جسم لا كالأجسام.

واستدلوا على ذلك بهذِه، كما استدلوا بالآيات المتضمنة لمعنى الوجه، واليدين. ووصفه لنفسه بالإتيان والمجيء والهرولة في حديث الرسول، وذلك كله باطل وكفر من متأوله؛ لقيام الدليل على تساوي الأجسام في دلائل الحدث القائم بها واستحالة كونه من جنس المحدثات، إذ المحدث إنما كان محدثًا من حيث متعلق هو متعلق بمحدث أحدثه، وجعله بالوجود أولى منه بالعدم (١).

فإن قالوا: الدليل على صحة ما نذهب إليه من أنه تعالى جسم أنه -أي: الله- ليس بأعور، وإشارته إلى عينه، وأن المسيح الدجال أعور عين اليمني ففي إشارته إلى عينه بيده تنبيه منه على أن عينه كسائر الأعين.

قلنا لهم: قد تقدم في دليلنا استحالة كونه جسمًا؛ لاستحالة كونه محدثًا، وإذا صح ذلك وجب صرف قوله، وإشارته بيده إلى معنى يليق به وهو نفي النقص والعور عنه تعالى، وأنه ليس كمن لا يرى ولا يبصر بل هو منتفٍ عنه جميع النقائص والآفات التي هي أضداد


(١) قال ابن تيمية في "العقيدة الواسطية" ص ٢٢: (إن عيني الله من صفاته الذاتية الثابتة له حقيقة على الوجه اللائق به ينظر بهما ويبصر ويرى ودليل ذلك قوله: {وَلِتُصْنَعَ على عَيْنِي} ولا يجوز تفسيرها بالعلم ولا بالرؤية مع نفي العين لأنه مخالف لظاهر اللفظ وإجماع السلف على ثبوت العين لله). وأولى ما حملت عليه هذِه الآية أن يقال فيها: أي على نظر مني ومرأى فأنت بحفظي ورعايتي.
انظر: "الفتاوى"لابن تيمية ٣/ ١٣٣، "القواعد المثلي في صفات الله وأسمائه الحسنى" ص ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>