وقوله: ("ملأى") أي: عطاؤه واسع ومنته كاملة، تقول العرب: لي عند فلان يد بيضاء أي: منة كاملة، وقوله: ("لا يغيضها") أي: لا ينقصها، وقال أبو زيد: غاض عن السلعة أي: نقص، ومنه قوله تعالى:{وَغِيضَ الْمَاءُ}[هود: ٤٤]
وقوله: ("سحاء") يقال: سح المطر والدمع وغيرهما سحوحًا: انصب وسال، فكأنها لامتلائها بالعطاء تسيل أبدًا، وفي "الصحاح": تفيد السيلان من فوق (١). وهو غاية في التمثيل؛ لأن سيل الماء من فوق أشد من سيلانه في أرض وطيئة.
فصل:
قال الداودي: هذا الحديث كأنه ركب مبنيا على غير أصله، وذلك أن أول الحديث فيه ذكر الشفاعة من الموقف، وفي آخره ذكر الشفاعة فيمن يخرج من النار، وذكر من يبقى فيها ممن يخلد.
فصل:
قوله: ("ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن") يعني: من أخبر القرآن بخلوده فيها، وقوله: ("وكان في قلبه ما يزن شعيرة وذرة وبرة ") قال الداودي: يعني من اليقين مع كلمة الإخلاص، وهذا على التقليل، وكلمة الإخلاص لو جعلت السماوات والأرض وما بينهما في كفة، وجعلت لا إله إلا الله في كفة أخرى لرجحت لا إله إلا الله، غير أنه لا يقبل من أحد إلا مع الإقرار بكتاب الله تعالى وملائكته وأنبيائه ورسله وبالبعث وبالجنة والنار.