للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهو منتف عن الله -عَزَّ وَجَلَّ-؛ لأن الحلول يدل على التحديد والتناهي، فبطل أن يكون حالاً على العرش بهذا الوجه.

والوجه الثاني: الاستواء بمعنى: الملك للشيء والقدرة عليه كما قال بعض الأعراب، وسئل عن الاستواء فقال: خضع له ما في السماوات وما في الأرض، ودان له كل شيء وذل، كما نقول للملك إذا دانت له البلاد بالطاعة (قد) (١) استوت له البلاد.

والثالث: الاستواء بمعنى: التمام للشيء والفراغ منه [كقوله] (٢) {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى} (٣) [القصص: ١٤]، فإن الاستواء هنا التمام كقوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: ٥] أراد التمام للخلق كله، وإنما قصد بذكر العرش؛ لأنه أعظم الأشياء، ولا يدل قوله تعالى: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [هود: ٧] أنه حالٌّ عليه، وإنما أخبر عن العرش خاصة أنه على الماء ولم يخبر عن نفسه أنه جعله للحلول؛ لأن هذا كان يكون حاجةً منه إليه، وإنما جعله لتتعبد به ملائكته فقال تعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ} [غافر: ٧] الآية، وكذلك تعبد الخلق بحج بيته الحرام، ولم يسمه بيته بمعنى (أنه) (٤) يسكنه، وإنما سماه بيته؛ لأنه الخالق له والمالك، وكذلك العرش سماه عرشه؛ لأنه مالكه، والله تعالى ليس لأوليته حد ولا منتهى، وقد كان في أوليته (٥) وحده ولا عرش معه تعالى عما يقول الظالمون علوًّا كبيرًا.


(١) وقع بالأصول: حتى، والمثبت من "شرح ابن بطال، وهو أفصح.
(٢) ساقطة من الأصل، والمثبت من (ص ١).
(٣) في الأصول: حتى إذا. خطأ تبع فيه ابن بطال. والصواب ما أثبتناه.
(٤) ساقطة من الأصل، والمثبت من (ص ١).
(٥) في "شرح ابن بطال": أزليته.

<<  <  ج: ص:  >  >>