للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واستدلوا على ذلك بأن الرؤية توجب كون المرئي محدثًا وحالًّا في مكان، في شُبَه أُخَر، نقض بعضها مغن عن نقض سائرها، وزعموا أن {نَاظِرَةٌ} في الآية بمعنى منتظرة فيقال لهم: هذا جهل بموضع اللغة؛ لأن النظر في كلام العرب ينقسم أربعة أقسام: يكون بمعنى الانتظار، و (التفكر) (١) والاعتبار، والتعطف والرحمة، ويكون بمعنى الرؤية للأبصار، وإن كان النظر له معان أخر.

قال في "المحكم": نظر إليه يعني: أهلكه، ونظر إليك: قابلك، ونظر الشيء: باعه (٢).

وفي "جامع القزاز": نظرت إلى هذا الأمر من نظر القلب مثل نظر العين و (نظرت) (٣) فرأت.

وخطأ كونه في الآية بالمعنى الأول وهو الانتظار (٤) من وجهين:

أحدهما: أنه عدِّي إلى مفعوله بإلى، وهو إذا كان بمعنى الانتظار لا يتعدى بها، وإنما يتعدى بنفسه قال تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ} [محمد: ١٨] فعداه بنفسه لما كان بمعنى ينتظرون.

قال الشاعر:

فإنكما إن تنظراني ساعة … من الدهر تنقضي لديَّ أم جندب

بمعنى: تنتظراني.


(١) في الأصل: التكفر وما أثبتناه من "ص".
(٢) "المحكم" ١١/ ١٧ - ١٨ مادة [نظر]. وفيه: ونَظَرَ إليهم الدَّهرُ: أهلكهم -على المَثَل- ولستُ منه على ثقة .. ، ونَظَر إليك الجبل: قابلك .. ، ونظر الشيء: باعه بنظرة.
(٣) في الأصل: نظرات.
(٤) ورد في الأصل في هذا الموضع: وخطأ كونه. ووضعها بين لا إلى.

<<  <  ج: ص:  >  >>