قال الشيخ أبو الحسن: إذا فتحت التاء فالضاد والميم مشددتان وإذا ضممتها خففتهما، فمعنى التشديد مأخوذ من الازدحام، أي: لا ينضم بعضكم إلى بعض كما تنضمون في رؤية الهلال (رأس)(١) الشهر؛ لخفائه ورقته، ومن خفف فالمعنى عنده على نفي الضيم، وأصله: تضيمون، فألقيت حركة الياء على الضاد، فقلبت ألفًا؛ لانفتاح ما قبلها.
فصل:
تأولت المعتزلة هذا الخبر على أن معناه رؤية العلم، وأن المؤمنين يعرفون الله يوم القيامة ضرورة، وهذا خطأ؛ لأن الرؤية بمعنى العلم تتعدي إلى مفعولين؛ كقولك: رأيت زيدًا فقيهًا، أي: علمته كذلك. فإذا قال: رأيت زيدًا منطلقًا. لم يفهم منه إلا رؤية البصر، وتحقق ذلك لشبهه برؤية البدر.
ورواية جرير "عيانًا" ترفع الإشكال؛ لأن الرؤية إذا قرنها بالعيان لم تحتمل العلم، ويبينه أنه - عليه السلام - بشر المؤمنين بذلك، وذلك يوجب أن يكون معنى يختصون به، وأما العلم بالله فمشترك بين المؤمنين والكافرين.
فصل:
حاصل اختلاف الناس في رؤية الله يوم القيامة أربعة أقوال:
قال أهل الحق: يراه المؤمنون يوم القيامة دون الكفار. وقالت المعتزلة والجهمية: هي ممتنعة، لا يراه مؤمن ولا كافر. وقال ابن سالم البصري: يراه الجميع: الكافر والمؤمن. وقال صاحب كتاب "التوحيد": من الكفار من يراه رؤية امتحان ولا يجدون فيها لذة، كما يكلمهم بالطرد والإبعاد، قال: وتلك الرؤية قبل أن يوضع الجسر