للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فصل:

وقوله: ("فيأتيهم الله في صورته التي يعرفون"). ليس الإتيان على المعهود فيما بيننا الذي هو انتقال حركة؛ لاستحالة وصفه تعالى نفسه بما توصف به الأجسام، فوجب حمله على أنه تعالى يفعل فعلًا يسميه إتيانًا وصف تعالى به نفسه، ويحتمل أن يكون الإتيان المعهود فيما بيننا خلقه الله تعالى لغيره من ملائكته فأضافه إلى نفسه، كقولك: قطع الأمير اللص. وهو لم يله بنفسه، وإنما أمر به.

والحاصل أن الإتيان هنا مثل قوله: {وَجَاءَ رَبُّكَ}. وأن ذلك بظهور فعل لا بتحرك ذاته، أو أنه فعل من أفعال ملائكته، فيضاف إليه من طريق أنه تابع أمره، أو أنه عبارة عن رؤيتهم الله تعالى؛ لأن العادة جارية أن من نحا لا يتوصل إلى رؤيته إلا بمجيء، فعبر عن رؤيته بالمجيء جوازًا (١).

فصل:

وأما وصفه تعالى بالصورة، ففيه إيهام (للمجسمة) (٢) أنه تعالى ذو


(١) قال أبو القاسم الأصبهاني: الأصل في هذا أن الكلام في الصفات فرع على الكلام في الذات، واثبات الله تعالى إنما هو إثبات وجود لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات صفاته، إنما هو إثبات وجود لا إثبات كيفية. "الحجة في بيان المحجة" ١/ ٢٨٨. وقال ابن أبي العز: الله -سبحانه وتعالى- لم يزل متصفًا بصفات الكمال: صفات الذات، وصفات الفعل .. ، ولا يَرُدُّ على هذا صفات الفعل والصفات الاختيارية ونحوها كالخلق والتصوير .. والاستواء والإتيان والمجيء والنزول .. ونحو ذلك مما وصف به نفسه، ووصفه به رسوله، وان كنا لا ندرك كنهه وحقيقته التي هي تأويله، ولا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا ولا متوهمين بأهوائنا؛ ولكن أصل أصل معناه معلوم لنا … "شرح الطحاوية" ص ٨٠.
(٢) من (ص ١) وفي الأصل: للجسمية. عليها علامة استشكال.

<<  <  ج: ص:  >  >>