قال الداودي: والأولى أن يحمل على موسى أنه قال الصدق قال: ولو قال لا، ولم يقل له: هل تعلم أحدًا، لدخل في قوله:{مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}[هود: ٤٦].
وقوله:"فجعل الله له الحوت آية" أي: علامة على ما يريد، وذلك أنه حمل حوتًا كانا يأكلان منه هو وفتاه يوشع، فلما فقد نصفه تلقاء الصخرة فنام موسى وجلس يوشع، فوثب الحوت من المكتل، فاتخذ سبيله في البحر وكان طريقه كالطافي، فلم يوقظ يوشع موسى حتى انتبه، فنسي يوشع أن يذكر له أمر الحوت، فانطلقا يومهما وليلتهما، فوجد موسى الإعياء، فقال لفتاه:{آتِنَا غَدَاءَنَا}، فذكر يوشع فقال:{أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ}، فكان سبيل الحوت في البحر سربًا، وكان لموسى وفتاه عجبًا.
وقوله:({فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا}) قال الداودي: كان موسى يتبع أثر الحوت، أي: ينظر إليه بالساحل يسير معه حتى انتهى إلى الخضر - عليه السلام -، ليس أنه سلك في أثره في البحر. قال: ولو كان كذلك لقال: سلك أثر الحوت.
فصل:
وقوله في حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -: ("إنا قافلون") أي: راجعون.