للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشرح:

استدل البخاري بقوله تعالى: {مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ} [سبأ: ٢٣] ولم يقل: ماذا خلق ربكم، أن قوله تعالى قديم بذاته قائم بصفاته لم يزل موجودًا به ولا يزال، وأنه لا يشبه كلام المخلوقين وليس بذي حروف (١)، خلافًا للمعتزلة التي نفت كلام الله وقالت: إن كلامه كناية عن الفعل والتكوين، قالوا: وهذا شائع في كلام العرب، ألا ترى (أنَّ) (٢) الرجل يعبر عن حركته بيده فيقول: قلت بيدي هكذا، وهم يريدون: حركة يدي، ويحتجون بأن الكلام لا يعقل منا إلا (بأعضاء) (٣) ولسان، والباري تعالى لا يجوز أن يكون له أعضاء دالات على الكلام إذ ليس بجسم، فرد البخاري عليهم بحديث الباب: "إذا قضى الله الأمر في السماء فزعت … " إلى آخره.

وقوله: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ}. أي: أذهب الفزع: قالوا (للذين من فوقهم) (٤): {مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ}؟

فدل ذلك على أنهم سمعوا قولًا لم يفهموا معناه من أجل فزعهم؛ فقالوا: {مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ}، ولم يقولوا ماذا خلق ربكم؟

وأكد ذلك بما حكاه عن الملائكة أيضًا، {قَالُوا الْحَقَّ}.

والحق إحدي صفتي الذات الذي لا يجوز على الله غيره؛ لأنه


(١) عقيدة أهل السنة والجماعة: أن الله يتكلم بكلام حقيقي متي شاء، كيف شاء، بما شاء، بحرفٍ، لا يماثل أصوات المخلوقين. وقد تقدم الكلام مرارا على هذِه المسألة.
(٢) من (ص ١).
(٣) في الأصل: (بالأعضاء)، والمثبت من (ص ١)، ومن "شرح ابن بطال" ١٠/ ٤٩.
(٤) في (ص ١): (للذي فوقهم).

<<  <  ج: ص:  >  >>