للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذا الباب كالباب الذي قبله في إثبات كلامه تعالى وإسماعه جبريل والملائكة، فيسمعون عند ذلك الكلام القائم بذاته الذي لا يشبه كلام المخلوقين؛ إذ ليس بحروف ولا تقطيع بفم، وليس من شرطه أن يكون بلسان وشفتين وآلات، وحقيقته أن يكون مسموعًا مفهومًا، ولا يليق بالباري تعالى أن يستعين في كلامه بالجوارح والأدوات، فمن قال: لم أشاهد كلامًا إلا بأدوات لزمه التشبيه؛ إذ حكم على الله بحكم المخلوقين، وخالف قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١].

فصل:

قوله: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ}: جمع على معنى التعظيم، وإنما هو في الحقيقة كلام واحد كما سلف.

وروي أن آدم قال: يا رب عملي هذا هل شيء اخترعته أم أمر كتبته على؟ فقال: بل كتبته عليك فقال: أسألك كما كتبت على أن تغفر لي (١). فإن كان هذا محفوظًا، فإنما قاله اعترافًا صحيحًا.


(١) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" ١/ ٦٦ - ٦٧ (٤٤)، والطبري ١/ ٢٨١ - ٢٨٢ (٧٨١ - ٧٨٥)، وابن أبي حاتم في "تفسير القرآن العظيم" ١/ ٩١ (٤٠٩)، وأبو الشيخ في "العظمة" ص ٤٤٧ (١٠٢٦)، وأبو نعيم في "الحلية" ٣/ ٢٧٣، كلهم من طريق سفيان الثوري، عن عبد العزيز بن رفيع قال: أخبرني من سمع عبيد بن عمير، فذكره من قوله، وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" ١/ ١١٧ لوكيع وعبد بن حميد وأبي الشيخ وأبي نعيم.
أورده ابن أبي حاتم في "علله" ١/ ٨٦ - ٨٧ وقال: سئل أبو زرعة عن حديث رواه وكيع والمؤمل بن إسماعيل، واختلفا فقال مؤمل عن الثوري، عن عبد العزيز بن رفيع، عن مجاهد، عن عبيد بن عمير .. الحديث، وقال وكيع عن سفيان، عن عبد العزيز بن رفيع، عن من سمع عبيد بن عمير. قال: حديث وكيع أصح، وأخطأ المؤمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>