للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الخبر أنه روي إما من أنس وإما من رواية شريك بن عبد الله بن أبي نمر، فإنه كثير التفرد بمناكير الألفاظ في مثل هذِه الأحاديث إذا رواها من حيث لا يتابعه عليها سائر الرواة، وأيهما صح القول عنه، وأضيف إليه، فقد خالفه فيه عامة السلف المتقدمين وأهل السنة منهم ومن المتأخرين. والذي قيل في الآية ثلاثة أقوال:

أحدها: أن الذي دنا جبريل من محمد. أي: تقرب، وهو على التقديم والتأخير، أي: تدلى فدنى، وذلك أن التدلي سبب للدنو. وقيل: تدلى له جبريل بعد الانتصاب والارتفاع كما رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، متدليًا كما رآه، وكان ذلك من آيات قدرة الله حين أقدره على أن يتدلى في الهواء من غير اعتماد على شيء ولا يمسك بشيء.

وقيل: دنا جبريل وتدلى محمد ساجدًا لربه شكرًا على ما أناله من كرامته، ولم يثبت فيه شيء مما روي عن السلف أن التدلي مضاف إلى الله تعالى عن صفات المخلوقين.

قال: وروي هذا الحديث عن أنس من غير طريق شريك بن عبد الله، فلم يذكر هذِه الألفاظ السبعة؛ فإن ذلك مما يقوي الظن أنها صادرة من قبل شريك.

قال: وفي هذا الحديث (لفظة) (١) أخرى تفرد بها شريك أيضًا لا يذكرها غيره، وهي قوله: (وهو مكانه). والمكان لا يضاف إلى الله، إنما هو مكان الشيء في مقامه الأول الذي يقيم فيه (٢).


(١) (ص ١).
(٢) انتهى كلام الخطابي في "أعلام الحديث" ٤/ ٢٣٥٢ - ٢٣٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>