أو يستفزهم الطرب غير جائز على الله تعالى، وإنما هو مثل مضروب لهذا الصنيع الذي يحل محل التعجب عند البشر، فإذا رأوه أضحكهم، ومعنى الضحك في صفة الله: الإخبار عن الرضا بفعل أحد هذين والقبول من الآخر ومجازاتهما على صنيعهما الجنة مع تباين مقاصدهما.
وقال ابن حبان في "صحيحه": يريد أضحك الله ملائكته وعجبهم من وجود ما قضى. وقال ابن فورك: أن يُبْدِي الله من فضله ونعمه توفيقًا لهذين الرجلين كما تقول العرب: ضحكت الأرض بالنبات إذا ظهر فيها، وكذلك قالوا للطلع إذا انفتق عنه: كافره الضحك؛ لأجل أن ذَلِكَ يبدو منه البياض الظاهر كبياض الثغر. وقال الداودي: أراد قبول أعمالهما ورحمتهما والرضى عنهما. وكذا قَالَ ابن بطال: المعنى: يتلقاهما بالرحمة والرضوان، والضحك منه على المجاز؛ لأنه لا يكون منه تعالى على ما يكون من البشر؛ لأنه ليس كمثله شيء).
وقد نقل هنا وفي مواضع كثيرة عن ابن فورك دون تمحيص، وحال ابن فورك معروفة من غلوه في التأويل. وكذلك عن محمد بن شجاع الثلجي:
- ففي التفسير: باب قَوْلهِ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} عند شرحه لحديث (٤٨١١): جَاءَ حَبْرٌ مِنَ الأَحْبَارِ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّا نَجِدُ أَنَّ اللهَ يَجْعَلُ السمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعِ وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَع، وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَع" .. وفي آخره: فَضَحِكَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تَصْدِيقًا لِقَوْلِ الحَبْرِ، ثُمَّ قَرَأَ:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}.