للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} [الزخرف: ٤٤] (١) فإذا كان الذكر ينصرف إلى هذِه الوجوه وها كلها محدثة كان حمله على أحدها أولى؛ ولأنه لم يقل سبحانه: ما يأتيهم من ذكر من ربهم [إلا كان محدثًا] (٢)، ونحن لا ننكر أن يكون من الذكر ما هو محدث كما قلنا، وقيل: محدث عندهم و (من) زائدة للتوكيد في قوله: {مِنْ ذِكْرٍ}.

وقال الداودي: الذكر في الآية: القرآن، قال: وهو محدث عندنا، وهو من صفاته تعالى لأنه لم يزل -سبحانه وتعالى- بجميع صفاته وهذا منه قول عظيم والاستدلال الذي استدل به يرد عليه؛ لأنه إذا كان (لم يزل) (٣) بجميع صفاته وهو تعالى قديم، فكيف تكون صفته محدثه وهو لم يزل بها إلا أن يريد أن المحدث غير المخلوق، وهو ظاهر قول البخاري؛ لقوله وأنَّ حَدَثَه لا يشبه حدث المخلوقين، فأثبت أنه محدث.

والدليل على أنه غير مخلوق أنه لو كان مخلوقًا لم يخل أن يكون تعالى خلقه في نفسه أو غيره أولا في مكان، فيستحيل أن يكون خلقه لا في مكان، ولئلا يكون ذلك إلى قيام الصفات بأنفسها وذلك محال، كان كان خلقه في غيره وجب أن يكون ذلك الغير هو المتكلم (به) (٤) دون الله تعالى؛ لأن المتكلم (هو) (٥) من وُجِدَ الكلام منه دون


(١) قيل للإمام أحمد: قال الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ}. أفيكون محدثًا إلا مخلوقًا؟ فقال: قال تعالى: ص والقران ذي الذكر. فالذكر هو القرآن وتلك ليس فيه ألف ولا لام.
انظر: "طبقات الشافعية الكبرى" ٢/ ٤٧.
(٢) في الأصل: (محدث)، والمثبت من "الفتح" ١٣/ ٤٩٨، وهو المناسب للسياق.
(٣) من (ص ١).
(٤) من (ص ١).
(٥) من (ص ١).

<<  <  ج: ص:  >  >>