للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النعمة، وهو المراد بقوله: "إن قلوب بني آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن" أي: بين نعمتين من نعمه، يقال: لفلان عليَّ إصبع. أي: أثر حسن إذا أنعم عليه نعمة حسنة، وللراعي على ماشيته إصبع أي: أثر حسن. وفيه عدة أشعار.

فإن قلت: كيف يجوز إطلاق الشمال على الله تعالى وذلك يقضي بالنقص؟ فالجواب: أنه مما تفرد به عمر بن حمزة عن سالم وقد روى هذا الحديث نافع وابن مقسم عن ابن عمر فلم يذكر فيه الشمال، ورواه أيضًا أبو هريرة وغيره عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يذكر واحد منهم الشمال.

وقال البيهقي: روي ذكر الشمال في حديث آخر في غير هذِه القصة، إلا أنه ضعيف بمرة، وكيف يصح ذَلِكَ مع ما صح عنه أنه سمى كلتا يديه يمينًا، وكان من قال ذَلِكَ أرسله من لفظه على ما وقع له إذ عادة العرب ذكرها في مقابلة اليمين.

قال الخطابي: ليس فيما يضاف إلى الله تعالى من صفة اليد شمال؛ لأن الشمال محل النقص والضعف، وليس معنى اليد عندنا الجارحة، إنما هي صفة جاء بها التوقيف، فنحن نطلقها على ما جاءت، وننتهي إلى حيث انتهى بها الكتاب والسنة المأثورة الصحيحة، وهو مذهب أهل السنة والجماعة، وقد تكون اليمين في كلام العرب بمعنى القدرة والملك، ومنه قوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} يريد: الملك. وقال {لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} أي: بالقوة والقدرة، أي: أخذنا قوته وقدرته، كذا ذكره الفراء، وأنشد فيه للشماخ وغيره، وقد تكون في كلامهم بمعنى التبجيل والتعظيم، تقول: فلان عندنا باليمين. أي: بالمحل الجليل، وأنشد عليه. وأما قوله: "كلتا يديه يمين" فإنه أراد بذلك التمام والكمال).