للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال: (الحكيم متضمن الحكمة وهو على وجهين أيضًا: صفة ذات تكون بمعنى العلم، والعلم من صفات ذاته، والثاني: أن يكون بمعنى الأحكام للفعل والإتقان له، وذلك من صفات الفعل وإحكام الله تعالى لمخلوقاته فعل من أفعاله، وليس إحكامه لها شيئًا زائدًا على مقابل بل إحكامه لها جعلها تقاد.)

ثم أكمل الكلام ناقلا طريقة الأشاعرة في معالجة هذِه المسائل معتبرا ذلك مذهب أهل السنة:

(وأما على ما ذهب إليه أهل السنة أن خلق الشيء وإحكامه هو نفس الشيء، وإلا أدى القول بأن الأحكام والخلق غير المحكم المخلوق إلى التسلسل إلى ما لا نهاية له، والخروج إلى ما لا نهاية له إلى الوجود مستحيل، فبان الفرق بين الحالف بعزة الله التي هي صفة ذاته، وبين من حلف بعزته التي هي صفة فعله أنه حانث في حلفه بصفة الذات دون صفة الفعل، بل هو منهي عن الحلف بصفة الفعل؛ لقول القائل: وحق السماء، وحق زيد؛ لقوله -عليه السلام-: "مَنْ كان حالِفًا فليحلفْ بالله").

ثم قال: (ثالثها: القَدَم لفظ مشترك يصلح استعماله في الجارحة وفيما ليس بجارحة، فيستحيل وصفه تعالى بالقدم الذي هو الجارحة؛ لأن وصفه بذلك يوجب أن يكون جسمًا والجسم مؤلف حامل للصفات وأضدادها غير متوهم خلوه منها، وقد بان أن المتضادات لا يصح وجودها معا، إذا استحال هذا ثبت وجودها على طريق التعاقب وعدم نقضها عند مجيء بعض، وذلك دليل على حدوثها، وما لا يصح خلوه من الحوادث فواجب كونه محدثًا، فثبت أن المراد بالقدم في هذا الحديث: خلق من خلقه تقدم علمه أنه لا يملأ جهنم إلا به، قاله ابن بطال.