الذي يرى بعض كتب ابن الملقن مثل كتاب "طبقات الأوليا" و"حدائق الأولياء" يظن للوهلة الأولى أنه صوفي قح، فهو من الذين لبسوا خرقة التصوف وألبسوها بالإسناد، وهو يذكر في آخر كتابه "طبقات الأولياء" سلاسل خرقه بأسانيد كأسانيد الحديث، فمرة ينتهي السند إلى أويس القرني، عن عمر وعلي، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومرة إلى عائشة رضي الله عنها موقوفًا! وثالثة إلى علقمة عن ابن مسعود عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -!
ولا ريب في وهاء هذِه الأسانيد وبطلانها. قال السخاوي (١): حديث لبس الخرقة الصوفية وكون الحسن البصري لبسها من علي. قال ابن دحية وابن الصلاح: إنه باطل. وكذا قال شيخنا -أي ابن حجر-: إنه ليس في شيء من طرقها ما يثبت، ولم يرد في خبر صحيح ولا حسن ولا ضعيف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ألبس الخرقة على الصورة المتعارفة بين الصوفية لأحد من أصحابه، ولا أمر أحدًا من أصحابه بفعل ذلك، وكل ما يروى في ذلك صريحًا فباطل .. إلخ.
وكان ابن الملقن -رحمه الله- من المؤمنين بوجود الخضر -عليه السلام- ويذكر في "طبقات الأولياء"(ص ٥٥٩) قصتين في اجتماعه بالخضر، (والذي رجح في قصته في "التوضيح" حياته) وكل هذا من آثار تصوفه، وفي كتابه المشار إليه من هذا القبيل عجائب وغرائب. رحمه الله وإيانا والمسلمين.