للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الشحوم فباعوها وأكلوا ثمنها، إن الله إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه" (١).

وقال آخرون: ينتفع به وجائز أن يبيعه ويبِّين ولا يأكله، وممن قَالَ ذَلِكَ أبو حنيفة وأصحابه، والليث بن سعد، وقد روي عن أبي موسى الأشعري (٢) والقاسم وسالم محتجين بالرواية الأخرى، "وإن كان مائعًا، فاستصبحوا به وانتفعوا" والبيع من باب الانتفاع (٣).

وأما قوله في حديث عبد الرزاق: "وإن كان مائعًا، فلا تقربوه" يحتمل أن يريد به الأكل. وقد أجرى - صلى الله عليه وسلم - التحريم في شحوم الميتة في كل وجه، ومنع الانتفاع بشيء منها، وقد أباح في السمن يقع فيه الميتة الانتفاع به، فدل على جواز وجوه سائر الانتفاع غير الأكل، ومن جهة النظر أن شحوم الميتة محرمة العين والذات.

وأما الزيت يقع فيه الميتة، فإنها تنجس بالمجاورة، وما ينجس بالمجاورة فبيعه جائز، كالثوب تصيبه النجاسة من الدم وغيره.

وأما قوله: "إن الله إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه". فإنما خرج على شحوم الميتة التي حرم أكلها، ولم يبح الانتفاع بشيء منها، وكذلك الخمر، وأجاز عبد الله بن نافع غسل الزيت وشبهه تقع فيه الميتة،


(١) الحديث بهذا اللفظ رواه أحمد في "المسند" ١/ ٢٤٧ من حديث ابن عباس، ورواه أبو داود (٣٤٨٨)، وكذا البيهقي ٦/ ١٣ بزيادة لفظ "ثلاثًا" فقال: "لعن الله اليهود ثلاثًا" والحديث عند البخاري من حديث جابر بن عبد الله (٢٢٣٦) في البيوع، باب: بيع الميتة والأصنام، ومسلم (١٥٨١) في المساقاة، باب: تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام. بلفظ: "قاتل الله اليهود، إن الله لمَّا حرم شحومها جملوه، ثم باعوه، فأكلوا ثمنه" وفي الباب عن عمر بن الخطاب.
(٢) رواه عبد الرزاق في "المصنف" ١/ ٨٧ (٢٩٣)، وابن أبي شيبة في "المصنف" ٥/ ١٢٧ (٢٤٣٨٥)، وابن المنذر في "الأوسط" ٢/ ٢٨٦.
(٣) ذكره ابن المنذر في "الأوسط" ٢/ ٢٨٦، ٢٨٧.