للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والكدرة في أيام الحيض حيض؛ لأنها في حكم الحائض حتى ترى القصَّة البيضاء، وقد ترى قبلها صفرة وكدرة، وهو الصحيح عند الشافعية وقول باقي الأئمة الأربعة، وعن أبي يوسف: إن رأت الصفرة ابتداءً فليس بحيض حتى يتقدمه دم. وخالفوه وقالوا: إنه حيض (١).

وفيه من الفقه أن العبادات الرافعة للحرج هي السنة ومن خالفها فهو مذموم كما ذمته ابنة زيد بن ثابت، وإنما أنكرت افتقاد دم الحيض في غير أوقات الصلوات؛ لأن جوف الليل ليس بوقت صلاة وإنما على النساء افتقاد أحوالهن للصلاة، وإن كنَّ قد طهرن تأهبن للغسل لها (٢).

واختلف الفقهاء في الحائض تطهر قبل الفجر ولا تغتسل حتى يطلع، فقال مالك والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور: هي بمنزلة الجنب تغتسل وتصوم ويجزئها صوم ذلك اليوم، وقال الأوزاعي: تصومه وتقضيه، وقال أبو حنيفة: إن كانت أيامها أقل من عشرة صامته وقضته، فإن كانت أكثر منها صامته ولا قضاء، وعن عبد الملك بن الماجشون يومها ذلك يوم فطر، ولا أرى إن كان يرى صومه أم لا، فإن كان لا يراه فهو شذوذ، ولا يعرج عليه، ولا معنى لمن اعتل به من أن الحيض ينقض الصوم والاحتلام لا ينقضه، لأن من طهرت من حيضتها ليست بحائض، والغسل إنما يجب عليها إذا طهرت، ولا يجب الغسل على حائض (٣) (٤).


(١) انظر: "بدائع الصنائع" ١/ ٣٩، "المنتقى" ١/ ١١٩، "المجموع" ١/ ١٢٤ - ٤٢٢، "المغني" ١/ ٤١٣ - ٤١٤.
(٢) انظر: "النوادر والزيادات" ١/ ١٢٨، "بداية المجتهد" ١/ ١١١.
(٣) انظر: "مختصر اختلاف العلماء" ٢/ ٣٤، "المغني" ١/ ٣٩٣.
(٤) ورد بهامش (س) ما نصه: ثم بلغ في الثاني بعد الخمسين له مؤلفه.