للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثانيها: أن الله سماه طهارة بقوله: {وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} [المائدة: ٦].

ثالثها: أنه تناقض منهم؛ لأنهم قالوا: ليس طهارة تامة، ولكنه استباحة: للصلاة. وهذا كلام ينقض أوله آخره؛ لأن الاستباحة لا تكون إلا بطهارة، فهو إذا طهارة لا طهارة.

رابعها: هب أنهم قالوا استباحة، فمن أين لهم أن لا يستبيحوا به فريضة أخرى كالأولى. وفي "الموطأ": ليس المتوضئ بأطهر من المتيمم (١). ومن تيمم فقد فعل ما أمر الله تعالى.

وقالوا في قوله تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ] [المائدة: ٦] الآية. أوجب الوضوء عَلَى كل قائم إلى الصلاة. فلما صلى - صلى الله عليه وسلم - الصلوات بوضوء واحد خرج الوضوء بذلك عن حكم الآية بقي التيمم على وجوبه عَلَى كل قائم إلى الصلاة، وليس كما قالوا لاسيما من أباح القيام للنافلة بعد الفريضة بغير تيمم، وهم الشافعية والمالكية، ولا متعلق لهما بشيء من ذَلِكَ، فإن الآية لا توجب شيئًا من ذَلِكَ، ولو أوجبت ذَلِكَ لأوجبت غسل الجنابة عَلَى كل قائم إلى الصلاة أبدًا. وإنما حكم الآية في إيجاب الله تعالى الوضوء والتيمم والغسل عَلَى المحدثين والمجنبين فقط (٢).

ثم قَالَ البخاري رحمه الله: وَأَمَّ ابن عَبَّاسٍ وَهُوَ مُتَيَمِّمٌ.

وهذا من البخاري بيان أنه كالوضوء، فكما أن المتوضئ يؤم كذلك المتيمم، وهو داخل في قوله: الصعيد الطيب.

وهذِه المسألة خلافية، وهو إمامة المتيمم للمتوضئين، أجازه مالك، وأبو حنيفة، وأبو يوسف، وزفر، والثوري، والشافعي،


(١) "الموطأ" ١/ ٦١ (١٥١) كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في التيمم.
(٢) "المحلى" ٢/ ١٢٩ - ١٣٢.