الحديث، وتأوله الآخرون بأن الصحيح الذي آختاره المحققون أنه أعتقها تبرعا بلا عوض ولا شرط، ثم تزوجها برضاها بلا صداق وهذا من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - أنه يجوز نكاحه بلا مهر لا في الحال ولا في المآل، وقال بعض أصحابنا: معناه أنه شرط عليها أن يعتقها ويتزوجها فقبلت فلزمها الوفاء به، وقال بعضهم: أعتقها وتزوجها على قيمتها وكانت مجهولة، ولا يجوز هذا ولا الذي قبله لغيره بل هما من الخصائص (١).
وقال بعضهم فيما حكاه المنذري: قوله: جعل عتقها صداقها. هو من قول أنس لم يسنده فلعله تأويل منه إذ لم يسم لها صداق، وقال بعضهم: لا يخلو أن يكون تزوجها وهي مملوكة، وهذا لا يجوز بلا خلاف، أو يكون تزوجها بعد أن أعتقها فهذا نكاح بلا صداق.
وأجيب عن ذلك: بأنه لم يتزوجها إلا وهي حرة بعد صحة العتق لها، وذلك العتق الذي صح لها شرطَ أن يتزوجها به هو صداقها، وقد استوفته، كما لو كان له عليها شيء فتزوجها عليه.
فإن قلت: ثواب العتق معلوم فكيف فوّته حيث جعله في مقابلة النكاح الذي يمكن أن يكون في مقابلة دينار؟
فالجواب: كما قال ابن الجوزي: إن صفية بنت ملك، ومثلها لا يصح في المهر إلا بالكثير، ولم يكن بيده - صلى الله عليه وسلم - ما يرضيها، ولم أن يقصر بها فجعل صداقها نفسها، وذلك عندها أشرف من الأموال الكثيرة.
فائدة: روى الطحاوي من حديث عبد الله بن عون قال: كتب إلي نافع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ جويرية في غزوة بني المصطلق فأعتقها وتزوجها،