- صلى الله عليه وسلم - ندب إلى الصلاة في البيوت؛ إذ الموتى لا يصلون في قبورهم، فقال: لا تكونوا كالموتى الذين لا يصلون في بيوتهم، وهي القبور، فأما جواز الصلاة في المقابر والمنع منه، فليس في الحديث ما يوجد منه ذلك وبنحوه، ذكره ابن المنير فقال: دل الحديث على الفرق بين البيت والقبر، فأمر بالصلاة في البيت وأن لا تجعل كالمقبرة، فأفهم أن المقبرة ليست بمحل صلاة، وفيه نظر من حيث أن المراد بقوله "لا تتخذوها قبورًا" لا تكونوا فيها كالأموات في القبور انقطعت عليهم الأعمال وارتفعت التكاليف، وهو غير متعرض لصلاة الأحياء في ظواهر المقابر؛ ولهذا قال:"ولا تتخذوها قبورًا" ولم يقل مقابر؛ لأن القبر هو الحفرة التي يستر بها الميت، والمقابر اسم للمكان المشتمل على الحفرة وما ضمت (١).
وقال ابن المنذر: احتج من كره الصلاة في المقابر بهذا الحديث، فإنه دال على أن المقبرة ليست بموضع الصلاة، وللعلماء في معنى الحديث قولان:
أحدهما: أنه ورد في صلاة النافلة دون الفريضة؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - قد سن الصلوات في جماعة كما هو مقرر، وتكون (من) هنا زائدة، كأنه قال: اجعلوا صلاتكم النافلة في بيوتكم، كقوله: ما جاءني من أحد، وأنت تريد ما جاءني أحد، وإلى هذا الوجه ذهب البخاري.
وقد روي ما يدل عليه، روى الطبري من حديث عبد الرحمن بن سابط عن أبيه، يرفعه: "نوروا بيوتكم بذكر الله، وكثروا فيها تلاوة القرآن، ولا تتخذوها قبورًا كما اتخذها اليهود والنصارى، فإن البيت