للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: (لبنة .. ) إلى آخره، فيه: ارتكاب المشقة في عمل البر.

قال ابن إسحاق: وعمار أول من بنى لله مسجدًا (١). قال السهيلي: فكيف أضاف إليه بنيانه، وقد بناه معه الناس (٢)؟!

فنقول: إنما عنى بهذا مسجد قباء؛ لأن عمارًا هو الذي أشار على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببنيانه، وهو الذي جمع الحجارة له، فلما أسسه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استتم بنيانه عمار، كذا ذكره ابن إسحاق (٣).

الثالثة:

التعاون في بنيان المسجد من أفضل الأعمال؛ لأن ذلك مما يجزى الإنسان أجره بعد مماته، ومثل ذلك حفر الآبار، وتحبيس الأموال التي يعم العامة نفعها، والولد الصالح يدعو له بعد موته، قال المهلب: وفيه: بيان ما اختلف فيه من قصة عمار (٤).

وقوله: "يدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى النار" إنما يصح ذلك في الخوارج الذين بعث إليهم علي بن أبي طالب عمارًا يدعوهم إلى الجماعة، وليس يصح في أحد من الصحابة؛ لأنه لا يجوز لأحد من المسلمين أن يتأول عليهم إلا أفضل التأويل؛ لأنهم الصحابة الذين


(١) حكى هذا القول عن ابن إسحاق السهيلي في "الروض الأنف" ٢/ ٢٤٨ باعتباره أثرًا، وهذا الأثر رواه عن القاسم بن عبد الرحمن ابن سعد في "طبقاته" ٣/ ٢٥٠، وابن أبي شيبة ٦/ ٣٨٩ (٣٢٢٤٣)، ٧/ ٢٥١ (٣٥٧٧٢)، ٧/ ٣٤١ (٣٦٥٩٢)، وابن أبي عاصم في "الأوائل" ١/ ٩١ - ٩٢ (١١٥)، والطبراني ٩/ ١٩٥ - ١٩٦ (٨٩٦١)، وفي "الأوائل" ١/ ١٠٩ (٨٠)، والحاكم ٣/ ٣٨٥. ذكره الهيثمي ٢/ ١٠، ٥/ ٢٧١، وقال: رواه الطبراني، وإسناده منقطع.
(٢) "الروض الأنف" ٢/ ٢٤٨.
(٣) نقل قوله السهيلي، انظر التخريج السابق.
(٤) كما في "شرح ابن بطال" ٢/ ٩٨.