للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} [المائدة: ١٨] وإنما قَالَ ذَلِكَ اليهود وحدها، والنصارى وحدها؛ لأن اليهود لا يقولون أن النصارى أبناء الله وأحباؤه، وكذا النصارى.

ومنها: ما قاله الجويني من أن الأحكام لا تتعلق بالأحاديث التي تأتي لضرب الأمثال، فإنه موضع تجوز وتوسع. قَالَ ابن العربي: وليس كما قَالَ؛ لأن الشارع لا يقول إلا حقًّا تمثل أو توسع، وقوله: ("من صلاة العصر") يحتمل أول الوقت وآخره، فلا يقضى بأحد الاحتمالين عَلَى الآخر (١).

ومنها: أن هذا الحديث قصد به ذكر الأعمال لا بيان الأوقات كما سلف في رواية أبي نعيم والإسماعيلي، فهو مثل ضرب للناس الذين شرع لهم دين موسى عليه أفضل الصلاة والسلام؛ ليعملوا الدهر كله بما يأمرهم وينهاهم إلى أن بعث الله عيسى عليه أفضل الصلاة والسلام، فأمرهم باتباعه فأبوا وتبرءوا مما جاء به وعمل آخرون بما جاء به عيسى على أن يعملوا باقي الدهر بما يؤمرون به، فعملوا حتى بعث سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعاهم إلى العمل بما جاء به فأبوا وعصوا، فجاء الله بالمسلمين، فعملوا بما جاء به، ويعملون إلى قيام الساعة، فلهم أجر من عمل الدهر كله بعبادة الله، كإتمام النهار الذي استؤجر عليه كله، فقدر لهم مدة أعمال اليهود ولهم أجرهم إلى أن نسخ الله شريعتهم بعيسى. وقال عند مبعث عيسى: من يعمل مدة هذا الشرع وله أجر قيراط؟ فعملت النصارى إلى أن نسخ الله ذَلِكَ بنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، ثم قَالَ متفضلًا عَلَى المسلمين: من يعمل بقية النهار إلى


(١) "عارضة الأحوذي" ١٠/ ٣٢٢.