للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الشارع يوم الخندق فحسن. وقال مالك والأوزاعي: يقيم للفائتة، ولم يذكروا أذانًا (١). وقال الشافعي: يقيم لها ولايؤذن في قوله الجديد، وفي القديم: يؤذن. والحديث يشهد له (٢).

واحتج من منع بأن الشارع يوم الخندق قضى الفوائت كلها بغير أذان، وإنما أذن للعشاء الآخرة فقط؛ لأنها صاحبةُ الوقت.

وفيه من الفقه مسائل أخر:

الأولى: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان ينام أحيانًا كنوم الآدميين، وقد أسلفت الجمع بينه وبين حديث: "إن عينيّ تنامان ولا ينام قلبي" هناك فراجعه.

الثانية: ادَّعى المهلب أن الحديث دال أن الصلاة الوسطى صلاة الصبح، وإنما أكدت المحافظة عليها؛ لأجل هذِه المعارضة التي عرضت بالنوم عليه وعلى العسكر حَتَّى فاته وقتها، ويدل عَلَى ذلك تأكيده بلالًا في السفر والحضر بمراقبة وقتها، ولم يأمره بمراقبة غيرها، ألا ترى أنه لم تفته صلاة كيرها بغير عذر شغله عنها. قلت: قد وردت أنه فاتته صلوات كما سيأتي.

الثالثة: قوله في الحديث: (فاستيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد طلع حاجب الشمس)، وتركه للصلاة حَتَّى ابيضت الشمس، فيجوز أن يكون التأخير -كما قَالَ أهل الكوفة- لأجل النهي عن الصلاة عند الطلوع. ويجوز أن يكون التأخير لأجل التأهب للصلاة بالوضوء وغيره، لا لأجل ذَلِكَ، وقد جاء هذا المعنى في بعض طرق الحديث، ذكره في كتاب الاعتصام في باب المشيئة والإرادة، وفيه: (فقضوا حوائجهم


(١) انظر: "الدخيرة" ٢/ ٦٨.
(٢) انظر: "البيان" ٢/ ٥٩ - ٦٠.