للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لتنافستم في الابتكار إليه حتى يؤدي إلى الاقتراع، فلا يمكن أحد من الوقوف فيه إلا من خرجت القرعة باسمه، وقوله: "إلا أن يستهموا عليه لاستهموا" أي: لو علموا قدر فضله وعظيم جزائه، ثم لم يجدوا طريقًا يحصلونه به لضيق الوقت عن أذان بعد أذان كما في المغرب، أو لكونه لا يؤذن للمسجد إلا واحد، وقد نحا الداودي إلى هذا الاستهام في أذان الجمعة.

وقوله: "والصف الأول" أي: لو يعلمون ما في الفضيلة فيه لجاءوا إليه دفعة واحدة وضاق عنهم لم يسمح بعضهم لبعض به لاقترعوا عليه.

والصف الأول ما يلي الإمام، ولو وقع فيه حائل خلافًا لمالك، وأبعد من قال أنه المبكر، حكاه القرطبي (١)، وفضل الصف الأول باستماع القراءة والتكبير عقب تكبيرة الإمام، والتأمين معه. ورُوي من حديث ابن عباس رفعه: "من ترك الصف الأول مخافة أن يؤذي مسلمًا أضعف الله له الأجر" (٢)، واختُلف في الضمير الذي في قوله: "إلا أن يستهموا عليه لاستهموا"، فقال ابن عبد البر: يعود على الصف الأول لقربه (٣)، وقيل: يعود على معنى الكلام المتقدم؛ لأنه مذكور، ومثله قوله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان: ٦٨] أي: ومن يفعل المذكور، ورجح لئلا يبقى النداء لا ذكر له.


(١) "المفهم" ٢/ ٦٤.
(٢) رواه ابن حبان في "المجروحين" ٣/ ٤٨ - ٤٩، والطبراني في "الأوسط" ١/ ١٧١ (٥٣٧)، والرافعي في "التدوين" ٢/ ٢٠ من طريق نوح بن أبي مريم، عن زيد العمى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعًا به. والحديث أورده الألباني في "السلسلة الضعيفة" برقم (٣٢٦٨) وقال: موضوع.
(٣) "التمهيد" ٢٢/ ١٤.