للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حاله في اعتكافه فيه، فتؤول على تقدير صحتها بالانتظار، وليؤذن في أوله، والعكوف: الإقامة، فإذا طلع الفجر أذن، فحينئذٍ كان - صلى الله عليه وسلم - يركع الفجر، ويشهد لهذا رواية الجماعة عن مالك الآتية قريبًا، كان إذا سكت المؤذن صلى ركعتين خفيفتين (١)؛ فدل أن ركوعه كان متصلًا بأذانه، ولا يجوز أن يكون ركوعه إلا بعد الفجر؛ فلذلك كان الأذان بعد الفجر.

وعلى هذا المعنى حمله البخاري وترجم عليه، وأردفه بحديث عائشة، كان يصلي ركعتين خفيفتين بين النداء والإقامة من صلاة الصبح؛ ليدل أن هذا النداء كان بعد الفجر، فمن أنكر هذا لزمه أن يقول أن صلاة الصبح لم يكن يؤذن لها بعد الفجر، وهذا غير سائغ من القول (٢).


(١) هذا الحديث لم يخرجه البخاري هكذا، وأما ما سيأتى بهذا اللفظ فهو من حديث عائشة (٦٢٦) وليس في إسناده مالك، وحديث مالك سيأتي (١١٧٠) من حديث عائشة أيضًا، بلفظ: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالليل ثلاث عشرة ركعة ثم يصلي، إذا سمع النداء بالصبح، ركعتين خفيفتين.
أما حديث الباب الذي رواه مالك بهذا اللفظ، فرواه عنه يحيى بن يحيى في "الموطأ" ص ٩٨، وعن يحيى عنه، رواه مسلم (٧٢٣/ ٨٧)، والنسائي ٣/ ٢٥٥ عن محمد بن سلمة، عن ابن القاسم، عن مالك به، وأحمد ٦/ ٢٨٤ عن عبد الرحمن بن مهدي، عن مالك به.
(٢) قال الحافظ: قال الزين بن المنير: قَدَّم المصنف ترجمة الأذان بعد الفجر على ترجمة الأذان قبل الفجر فخالف الترتيب الوجودي؛ لأن الأصل في الشرع أن لا يؤذن إلا بعد دخول الوقت، فَقَدَّم ترجمة الأصل على ما ندر عنه، وأشار ابن بطال ٢/ ٢٤٨ إلى الاعتراض على الترجمة بأنه لا خلاف فيه بين الأئمة، وإنما الخلاف في جوازه قبل الفجر، والذي يظهر لي أن مراد المصنف بالترجمتين أن يبين أن المعنى الذي كان يؤذن لأجله قبل الفجر غير المعنى الذي كان يؤذن لأجله بعد الفجر وأن الأذان قبل الفجر لا يكتفي به عن الأذان بعده، وأن أذان ابن أم مكتوم لم يكن يقع قبل الفجر. والله أعلم. اهـ. "الفتح" ٢/ ١٠١.