(٢) "البناية" ٢/ ٣٦٦، وانظر "المغني" ٢/ ١٦٩. (٣) قال القاضي عياض: تعليقًا على حديث حذيفة في قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالبقرة ثم النساء ثم آل عمران: وتقديمه هنا النساء على آل عمران حجة لمن يقول: إن ترتيب السور اجتهاد من المسلمين حين كتبوا المصحف لم يكن ذلك من تحديد النبي - عليه السلام - وإنما وكله إلى أمته بعده وهو قول جمهور العلماء، وهو قول مالك واختيار القاضي أبي بكر الباقلاني وأصح القولين عنده، مع احتمالها. قال: والذي نقوله: إن تأليف السور ليس بواجب في الكتابة ولا في الصلاة، ولا في الدرس ولا في التلقين والتعليم، وإنه لم يكن من الرسول في ذلك نص واحد لا يحل تجاوزه؛ فلذلك اختلفت تأليفات المصاحف قبل مصحف عثمان، واستجاز النبي - صلى الله عليه وسلم - والأمة بعده في سائر الأعصار ترك الترتيب للسور في الصلاة والدرس والتلقين والتعليم، وعلى قول من يقول من أهل العلم: إن ذلك توقيف من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعلى ما حده ورسمه لهم حسب ما استقر في مصحف عثمان، وأن موجب اختلاف المصاحف قيل في الترتيب، وإنما كان قبل التوقيف وعلى ما جاء هنا كانت هاتان السورتان في مصحف أبي، ولا خلاف أنه يجوز للمصلى من الركعة الثانية أن يقرأ بسورة قبل التي صلى بها في الأولى، أو إنما يقع الكراهة بذلك في ذلك في ركعة واحدة أو لمن يتلو القرآن وقد أجاز هذا بعضهم وتأول نهى من نهى من السلف عن قراءة القرآن، مُنكَّسًا أن يقرأ من آخر السورة آية بعد آية إلى أولها كما يفعل من يُظهر قوة الحفظ، ولا خلاف أن تأليف كل سورة وترتيب آياتها توقيف من الله تعالى على ما هي عليه الآن في المصحف، وعلى ذلك نقلته الأمة عن نبيها - عليه السلام -. "إكمال المعلم" ٣/ ١٣٧.