للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ووجه الجمع بين قول أبي سعيد هذا وقول أبي هريرة: "لك ذَلِكَ ومثله معه" أنه - عليه السلام - أخبر أولًا بالمثل، ثمَّ أطلع عَلَى الزيادة تكرمًا، و [لا] (١) يحتمل العكس؛ لأن الفضائل لا تنسخ.

التاسع عشر:

إمساك العبد عن السؤال حياءً من الرب، والله تعالى يحب السؤال؛ لأنه يحب صوت عبده فيباسطه بقوله: "إن أعطيت هذا تسأل غيره؟ " وهذا حال المقصر، فكيف حال المطيع؟! وليس نقض هذا العبد عهده وترك إقسامه جهلًا؛ بل نقضه عالمًا بأنه أولى؛ لأن سؤاله ربه أفضل من إبراره قسمه، وقول الرب جل جلاله له "أليس قَدْ أعطيت العهود؟ " إيناس لَهُ وتبسط، وقول العبد في بعض الروايات: "أتهزأ بي؟ " (٢) نفي عنه جل وعز الاستهزاء الذي لا يجوز عليه، كأنه قَالَ: أعلم أنك لا تهزأ لأنك رب العباد، و (قولك) (٣): "لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها" حق، ولكن العجب من فضلك. و"أتهزأ" ألفه ألف نفي عَلَى هذا كقوله: {أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا} [الأعراف: ١٥٥] وهي لفظة متبسط متذلل.

وفي الحديث "فرأى ضوءًا فخر ساجدًا، فيقال: مالك؟ فيقول: أليس هذا ربي؟ فإذا بشخص قائم" (٤) قَالَ: ليس سجوده للقائم الذي


(١) ما بين المعقوفتين زيادة يقتضيها السياق.
(٢) رواه أحمد ١/ ٣٩١ - ٣٩٢ من حديث ابن مسعود.
(٣) عليها في الأصل علامة تصحيح (صح).
(٤) قطعة من حديث رواه الطبراني ٩/ ٣٥٧ - ٣٦١ (٩٧٦٣)، والحاكم ٤/ ٥٨٩ - ٥٩٢ عن ابن مسعود مرفوعًا، وقال الحاكم: صحيح ولم يخرجاه. اهـ. وكذا الهيثمي في "مجمع" ١٠/ ٣٤٣، والألباني في "الصحيحة" (٣١٢٩)، "صحيح الترغيب" (٣٥٩١، ٣٧٠٤).