للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأصح قولي الشافعي فيما رجحه المتأخرون خلاف ما رجحه الرافعي (١)، وهو مذهب ابن حبيب، وأظن البخاري مال إلى هذا القول وحجته حديث ابن عباس السالف أنه أمران يسجد عَلَى سبعة أعضاء، فلا يجزئ السجود عَلَى بعضها إلا بدلالة.

واحتج من لم ير الاقتصار عَلَى الأنف بأن الأحاديث إنما ذكر فيها


(١) قال الرافعي رحمه الله: وضع اليدين والركبتين والقدمين على مكان السجود فيه قولان:
أحدهما: وبه قال أحمد: يجب، وهو اختيار الشيخ أبي علي؛ لما روي عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أمرت أن أسجد على سبعة أعظم على الجبهة، واليدين، والركبتين، أطراف القدمين" يروى: "على سبعة آراب".
وأظهرهما: لا يجب، وبه قال أبو حنيفة، ويروى عن مالك أيضًا؛ لأنه لو وجب وضعها لوجب الإيماء بها عند العجز، وتقريبها من الأرض كالجبهة، فإن قلنا: يجب فيكفي وضع جزء من كل واحد منها، والاعتبار في اليدين بباطن الكف، وفي الرجلين ببطون الأصابع، وإن قلنا: لا يجب فيعتمد على ما شاء منها، فيرفع ما شاء، ولا يمنكه أن يسجد مع رفع الجميع، وهذا هو الغالب، أو المقطوع به، "الشرح الكبير" ١/ ٥٢٠ - ٥٢١. وقال النووي رحمه الله: ففي وجوب وضع اليدين والركبتين والقدمين قولان مشهوران نص عليهما في "الأم"، قال الشيخ أبو حامد: ونص في "الإملاء" أن وضعها مستحب لا واجب، واختلف الأصحاب في الأصح من القولين فقال القاضي أبو الطيب: ظاهر حديث الشافعي أنه لا يجب وضعها، وهو قول عامة الفقهاء. وقال البغوي: هذا هو القول الأشهر، وصححه الجرجاني في "التحرير" والروياني في "الحلية" والرافعي. وصحح جماعة قول الوجوب، ومنهم البندنيجي وصاحب "العدة" والشيخ نصر المقدسي. وبه قطع الشيخ أبو حامد في "التبصرة"، وهذا هو الأصح وهو الراجح في الدليل، فإن الحديث صريح في الأمر بوضعها والأمر للوجوب على المختار، وهو مذهب الفقهاء والقائل الأول يحمل الحديث على الاستحباب، ولكن لا نسلم له؛ لأن أصله الوجوب فلا يصرف عنه بغير دليل فالمختار الصحيح: الوجوب، وقد أشار الشافعي رحمه الله في "الأم" إلى ترجيحه. "المجموع" ٣/ ٤٠٢.